منذ 3 اسابيع | 2527 مشاهدات
يعطيك بعض الإعلاميين والمعلقين، الذين إعتدناهم مؤيدين للمقاومة، يعطونك إنطباعا بأننا يجب أن نكون في غاية القق والإنزعاج من تصريحات دونالد ترامب، فبدأت أسأل نفسي: ما هو المزعج بالضبط في هذه التصريحات؟ ذلك أنني عندما نحيت جانبا شعوري بالغيظ من العنجهية التي يتحدث بها رأيت أننا ينبغي أن نحمد الله – ونحن نحمده على كل حال – لأنه أرسل لينا هذه الشخصية في هذا التوقيت بالذات .. تعال نناقش الأمر بعقل هادئ وننحي جانبا هذه الإيماءات المحبطة التي يصبها في عقولنا بعض من الذين كان ينبغي أن يقدموا تحليلات موضوعية تساعدنا على تقدير الموقف.
هل تعبر هذه التصريحات المستفزة عن مواقف جديدة تزيد المخاطر التي نتعرض لها؟ .. أبدأ .. وفي المقابل نرى أنها تفتح لنا آفاقا جديدة لتحسين موقفنا، محليا وإقليميا ودوليا، في مواجهة ذات المخاطر التي ما زلنا نتعرض لها من قبل وصول هذا الرجل لرئاسة أمريكا.
لقد صرح الرجل أن أمريكا تريد إفراغ قطاع غزة من سكانه، هل في هذا جديد؟ لا .. الجديد هو إعلامه بكل هذه الوقاحة، لكن الكلام عنه رسميا قد بدأ على لسان حكام إسرائيل منذ وصل الليكود إلى الحكم في السبعينات بقيادة مناحم بيجين، بعد أن ظل مضمرا في سياسات حزب العمل الذي حكم منذ النكبة، ولم نكن نجده معلنا إلا في كتابات مفكري الصهيونية .. ونحن لم نشك منذ تفتح وعينا في ستينات القرن المنصرم في أن إسرائيل هي قاعدة أمريكية (ورثتها عن إنجلترا) لا تنفذ إلا السياسات التي تخدم المصالح الأمريكية (آخر مهمة كبيرة قامت بها إسرائيل خدمة لمصالح إنجليزية تتعارض مع المصالح الأمريكية كان ضرب عبد الناصر سنة 1967)، لكن حكامنا المستبدون ومثقفونا المتغربون، منذ إعلام الحقبة الساداتية، كانوا يصرون غلى أن أمريكا يمكن أن تساعدنا في الوصول إلى حل عادل، أو قريب من العدل، إذا إطمئنت إلى أننا أيضا حلفاؤها .. بفضل دونالد ترامب لم نعد في حاجة للإستمرار في محاولة إقناع شعوبنا بأن أمريكا هي العدو وأن إسرائيل ليست إلا بيدق في ترسانتها، لقد تولى رئيس أمريكا مهمة إقتاعهم، فلله الفضل والمنة.
هل زاد الخطر الذي تتعرض له المقاومة الفلسطينية عندما أعلن الرجل أن أمريكا ستتدخل بنفسها؟ ما هو التدخل الجديد الذي سيجعل مهمة المقاومة أكثر صعوبة مما هي عليه الآن؟ هل سيحضر الأمريكيون معهم أسلحة أكثر تطورا مما أعطوه فعلا لإسرائيل؟ في ما يتعلق بحروب المدن وحرب العصابات لم تبخل أمريكا على إسرائيل بشيء، هل سيتمكن الأمريكيون من جمع معلومات إستخباراتية أهم وأكثر حساسية مما يجمعه الموساد؟ نحن نعلم أن كل أجهزة المخابرات الغربية كانت تعمل منذ البداية لخدمة المجهود الحربي الإسرائيلي، أم علينا أن نخشى من إرتفاع مستوى الكفاءة والخبرة لدى قيادات الجيش الأمريكي؟ في الواقع كانت القيادات الأمريكية من أرفع المستويات تشارك في إدارة العمليات من اليوم الأول .. ما الذي علينا أن نخشاه إذن؟ أن ترسل أمريكا مزيدا من الجنود؟ وهل كان الإسرائيليون يشكون من نقص الأعداد؟ .. إن حساسية الشعب الأمريكي للخسائر البشرية أعلى بكثير من حساسية الشعب اليهودي، فالأخيرون يدركون أنهم يدافعون عن وجودهم، تزعجهم الخسائر ويرغبون في تقليلها لكنهم يتفقون مع حكومتهم على هدف القضاء على المقاومة، أما الشعب الأمريكي (حتى بدون موجة التعاطف مع فلسطين) فيتخوف من تدخل جيشه في الصراعات الإقليمية الذي لم يأت لهم منها ولآ مرة أي فوائد تبرر التضحيات، بدءا من الحرب الكورية في الخمسينات ثم فيتنام مرورا بالعراق إلى أفغانستان، والأمريكيون يزنون الأمور بميزان المقارنة بين الأرباح والخسائر (حتى في حياتهم اليومية)، وهم يعرفون حجم التعاطف الهائل الذي تحظى به القضية الفلسطينية لدى العرب والمسلمين ثم في دول عديدة أخرى، ويدركون أن التدخل العسكري المباشر سيعرض مصالح الأمريكيين، بل وأرواحهم، للخطر في مناطق كثيرة حول العالم بدون عائد، فضلا عن أن روسيا والصين ستكون لديهم منطقة إضافية يعملون فيها على إستنزاف قوى أمريكا .. إن الحضور المادي للقوة الأمريكية السافرة في غزة لن يفعل شيئا لا يمكن للقوات الإسرائيلية أن تفعله، لكنه سيستدعي دعما أكثر للمقاومة .. التدخل العسكري الذي يهدد به ترامب لن يرفع معدلات الخطر علينا، لكنه سيرفع مستويات الدعم لنا.
ماذا عن الطريقة المهينة والأسلوب الوقح الذي تعامل به ترامب مع حكام العرب؟ إنه بالتأكيد يمثل مشكلة لهؤلاء الحكام، لكن هل زاد هذا من حجم الضغط الذي يمكن للحكومة الأمريكية أن تمارسه عليهم لينفذوا الأوامر التي نخاف من آثارها؟ .. على العكس من ذلك تماما، فهذا الأسلوب ينبغي أن يقلل من المخاوف التي تعترينا من أن يفاجئنا عؤلاء الحكام بتقديم تنازلات في الخفاء لا نعرف عنها شيئا حتى تظهر آثارها.
إن أوراق الضغط التي تمتلكها أمريكا لم تزد شيئا بهذا الأسلوب العلني الفج في إصدار الأوامر، وكانت أمريكا تستخدمها فعلا وتضغط بها على حكامنا سرا في الغرف المغلقة طول الوقت، ثم تترك لهم الفرصة لإختيار التوقيت والطريقة التي يمررون بها المصائب التي ينزلونها على رؤوسنا وكأنها قرارات إتخذوها بإرادتهم حسبة لله والوطن، ثم تنظلق أبواقهم لتزين هذه القرارات وتشيد بحكمة متخذيها، لكن هذه الفضيحة الترامبية تضطرهم لإعلان الرفض (عبد الله يقول لم أتفق على شيء، والسيسي يؤجل الزيارة من أصله) ويقلل من قدرتهم على القيام بالإجراءات العملية الضرورية لتنفيذ الأوامر، وقد تضطر الإدارة الأمريكية بنفسها لتعديل أوامرها لتكون في حدود إمكانيات "أصدقائها" بعد أن تراجعت قدرتهم على خداع شعوبهم .. لن أحدثك عن الفرصة التي تعطيها هذه الفضيحة للمعارضة الوطنية وغير الوطنية لإحراج الحكام وإضعاف قبضتهم وربما إستبدالهم بآخرين أقل فسادا وقسوة (لزوم إستعادة القدرة على القيام بواجبات "الصداقة") .. وفي أسوأ الظروف ستعطينا قدرة أكبر على إيقاظ الشعوب وزيادة فهمها لحالة التبعية المخزية التي يعيشها هؤلاءالحكام.
هل فهمت من كلامي أن كل شيء تمام؟ .. طبعا لا، فأمتنا تعيش مرحلة مفصلية وتواجه تحديات خطيرة، لكن ترامب لا يضيف شيئا لهذه التحديات ولا يزيد من خطورتها، بل على العكس، فهو يضيف إلى حركة التحرر العربي والإسلامي، وتيار الإحياء في قلبها، ويقدم لها مادة جديدة لفضح الخونة والعملاء والمتخاذلين، لترفع وعي الشعوب بحقيقة الصراع، وليتمايز معسكر النهضة والتحرر عن معسكر التبعية والتخلف .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
Ashraf Abdelghaffar || ashrafgroup@gmail.com
صدقت اخي الكريم ترامب لاعب سيرك نظام انا البطل انا الجن و لكنه لن يخرج عن الامكانات البشريه لدي امريكا و غيرها اضافة الي ان مشاكله مع الجميع يساعدنا في صراعنا العالم يتحدث عن بلطجي مجنون ليس اكثر و الافضل و الاولي اهمام تصريحاته اهمالا تاما كانه لم يصرح بشئ