6 – فرض الوقت

منذ 5 سنة | 2220 مشاهدات

الفروض كلها واجبة الأداء، لكن في ظروف معينة يصبح لبعضها أولوية خاصة، فلا يجوز لك أن تنشغل بالصلاة المكتوبة عن إنقاذ غريق أو نقل مصاب في حالة خطرة إلى المستشفى، حتى لو أدى ذلك لخروج الوقت، وفي ظروف أخرى ترتفع بعض المباحات إلى درجة الفريضة، ففي زمن المجاعة مثلا يصبح جلب الأقوات فريضة على كل قادر عليها، وليس مجرد عمل تجاري يرتزق منه من يعمل فيه .. هذه قضية فقهية معروفة ولا تحتاج للإطالة.

          في هذه اللحظات العصيبة فإن الوطن في خطر، ولا أظن مصريا شريفا يماري في هذه الحقيقة مهما كان إتجاهه الفكري، قد نختلف حول نوع الخطر الذي يستشعره كل فريق، وقد نختلف حول أسبابه، لكني لا أظن أن هناك من لا يشعر أن أمورنا تسير في منحدر صعب لا يمكن تجاهل عواقبه الواضحة.

          نعم .. الوطن في خطر، والديمقراطية هي طوق النجاة الوحيد، وهي نقطة البداية التي لا يمكن بغيرها أن نعدل المسار .. لابد أن يمسك الشعب بمقاديره، وأن يشعر كل فرد بأنه شريك في هذا الوطن، وفي صنع ما قد يحتاجه من قرارات صعبة تنقذه بإذن الله (ونحن لا نقصد بالتأكيد هذه القرارات التي يسمونها إصلاحا إقتصاديا).

          والديمقراطية التي نتكلم عنها ليست هي ضمانات نزاهة الإنتخابات، فهذه النزاهة لا قيمة لها إذا كان كل ما سننتخبه هو رئيس ومجلس نيابي (جربنا هذه الوصفة من قبل وانتهت بإنقلاب)، الديمقراطية هي أن تكون السلطة الحقيقية في يد الشعب، وهي تبدأ وتتقرر وتترسخ في مستوى المحليات، من أصغر قرية أو حي، مرورا بالمدن والمحافظات، وصولا في النهاية إلى الرئاسة والبرلمان.

          إن إنتظار هبة شعبية في غياب هدف جامع واضح ومحدد هو إنتظار لثورة جياع تحمل معها الكثير من الخراب، وقد تحمل أو لا تحمل إحتمالات ضئيلة لإصلاح مبتسر (ولا أعرف ثورة جياع واحدة عادت بخير على أهلها)، لابد أن يتفق الجميع على تشخيص واحد للمرض المطلوب علاجه، والمرض هو الإستبداد، وكل ما عداه إما أعراض له، أو أمراض ثانوية لا علاج لها قبل إزاحة المرض الأكبر، وإذا إنشغلنا بالكلام عن الأعراض فلن نعالج شيئا، وسنزيد من الإحباط المحتقن الذي لن يثمر - إذا أثمر - إلا ثورة جياع، وإذا إنشغلنا بالدعاية للحلول فسنختلف حولها بسبب إختلافنا في المنطلقات الأيديولوجية وإختلاف منظور كل فريق للواقع، وسنظل مستغرقين في الكلام حتى نستيقظ ذات صباح على الكارثة وقد حلت.

          إذن .. ؟

          فليتفق الجميع على أن شعب مصر يجب أن يدرك أولا أن كل ما يعيشه من مشاكل لن يحل إلا إذا أمسك هو بزمام أمره، من أدنى مستوى إلى أعلى مستوى، فهذه هي الديمقراطية، وهم يخدعوننا عندما لا يحدثوننا إلا عن الديمقراطية في المستويات العليا، دون أن يقولوا لنا أن هذه المستويات ليست هي التي تدير الأمور على الحقيقة، ففي كل الدول الديمقراطية لا تملك السلطة المركزية إلا سلطات قليلة من تلك التي تؤثر على حياة الناس تأثيرا حقيقيا، المستوى المحلي المنتخب هو الذي يدير حياة المواطنين ويحل مشاكلهم (والأهم هو أن وجود السلطة على هذا المستوى هو الحماية الحقيقية للديمقراطية في المستويات الأعلى)، والنجاح على المستوى المحلي هو الذي يبرهن على قدرة السياسي على القيادة، وهو الذي يفرز القيادات التي تنتقل إلى المستويات العليا .. هذا هو ما يحدث حتى في أمريكا.

          لا يمكن أن يظل شعبنا في إنتظار القائد الملهم، عليه أن يدرك أن ما ينقصه ليس هو القائد الذي يتخذ القرارات الصحيحة، ما ينقصه هو أن يتمكن هو بنفسه من إتخاذ القرارات التي تخصه.

          هذا لا ينتقص بالطبع من أهمية باقي عناصر الديمقراطية: حرية التعبير، وحرية التجمع، وإستقلال القضاء، وعدم تدخل الجيش في السياسة، وعدم تدخل السلطة التنفيذية في صنع الرأي العام .. إلخ، لكن الأهم أن يدرك شعبنا أنه إذا لم يأخذ أمر إدارة حياته بنفسه فلن يحدث شيء ذي بال.

          هذه خطوط عريضة تحتاج لمزيد من التفاصيل التي لا يتسع لها مقال واحد، نسأل الله أن يعيننا على تقديمها في مقالات أخرى.

Generic placeholder image
Sobhi Obeid || sobhi0106@yahoo.com

كلام رائع ينقصه آليه التنفيذ، من يعض علي السلطة الان لن يتركها الا بثورة أو بانقلاب - أو ان يكون الشعوب يعلم كيف يتعامل مع حالة بلده بوعي كبير وهذه ليست حالة الشعب المصري للأسف لما فرض عليه من حالة الخوف والجهل والنظرة الضيقة للامور، فالامر ليس سهلا علي الإطلاق ، غير ان يتجرد معظم العلماء والمفكرين والسياسين المعارضين من مصالحهم الشخصية والدونية ويتحدوا لتوصيل رسالة واضحة ومستمرة وغير منقوصة للذين يعضوا علي السلطة. أو بعصيان مدني من الشعب يدار بوعي، ده لو الشعب عنده استعداد بعد ان يعضه الجوع ولا يجد مفر منه غير الخلاص. المشكلة العظمي مع هذا الشعب هي آلية التنفيذ وان تقنعه بما هو في صالحه ولن يأتي ذلك الا اذا كان الداعين للتغيير من النخبة يكونوا أمثلة يحتذي بها ودعوه مخلصة واصرار عليها. وجزاك الله خيرا بعلمك وعلي الله قصد السبيل

Generic placeholder image
علي ممدوح || engalimamdouh88@gmail.com

للأسف الشديد الديمقراطية في بلادنا بعد الثالث من يوليو لم يصبح لها مكان و صار مجرد الحديث عنها جريمة و لا أدري ما الحل فأنا منذ خمس سنوات لا أرى طريقا اسير فيه حتى نخرج من المصيبة التي حلت بنا

شارك المقال