منذ 7 سنة | 2959 مشاهدات
"العمليات الإرهابية" تعبير حديث، فمن التزيد أن نزعم أن لابن تيمية كلاما في حكمها، لكن لسبب ما يتصور الكثيرون أن الجماعات الإسلامية المسلحة قد فهمت من فقه ابن تيمية أن عملياتها ضد المدنيين على أراضي الدول الغربية هي عمليات يمكن أن تدخل تحت باب الجهاد المشروع أو المأمور به، لكننا في الواقع نرى أن من يفهم فقه ابن تيمية في القتال سيدين مثل هذه العمليات بشدة.
ولنبدأ أولا بما يسميه الفقهاء "تحرير الصطلح"، ما المقصود بالعمليات الإرهابية؟ .. سيقولون لك أنها عمليات عنف توجه للمدنيين من رعايا إحدى الدول بهدف الضغط على حكومتها لاتخاذموقف سياسي معين .. حسنا، إذا كان هذا هو التعريف، ونحن نقبله، فإن عمليات فصائل المقاومة ضد أهداف عسكرية للكيان الصهيوني لا يمكن أن تقع تحت هذا التعريف، فهي عمليات مقاومة مشروعة، بل مأمور بها، يجب دعمها وتأييدها .. نحن إذن لا نتكلم عنها في هذا المقال، وإنما نتكلم عن عمليات التفجير والدهس والقتل التي تقوم بها جماعات تعتبر نفسها جهادية إسلامية ضد رعايا دول الغرب المدنيين في ملاعب الكرة ودور السينما والمطاعم وغيرها.
إذا أخذنا رأي الأقلية من الفقهاء الذين قالوا أننا نقاتل الكافرين بسبب كفرهم فسنقر هذه العمليات، إلا إذا كان ضررها أكبر من نفعها، فسندينها حينئذ بسبب الضرر الذي يعود منها علينا، لا بسبب أنها عمليات محرمة وغير مشروعة.
أما إذا أخذنا برأي جمهور الفقهاء، وهو رأي ابن تيمية كما عرضناه من قبل، وهو أننا لا نقاتل إلا من اعتدى علينا، فإن أية عمليات عنف موجهة ضد رعايا دول غربية تسالمنا ولا تعتدي علينا في أي مكان ستكون غير مشروعة .. حرام .. ويبقى أن نناقش حكم العمليات التي تتم على أراضي دول تعتدي على المسلمين في أي بلد.
هذه دول اعتدت علينا، فمن حقنا أن نرد على هذا العدوان بمثله، فهل تقع هذه العمليات "الإرهابية" داخل إطار هذا الرد الذي تسمح به الشريعة؟ .. إذا أخذنا برأي الجمهور، وهو رأي ابن تيمية، فإننا لا نقاتل إلا الاعتداء علينا، فالقتال للدفاع وليس للهجوم، ولا يقتل إلا المقاتلون، أو من لهم رأي في القتال بحيث يستفاج منهم في توجيه العمليات الحربية، فلا يقتل النساء ولا الرهبان ولا الزمنى ولا الشيوخ الذين لا يقاتلون ولا خبرة لهم ينتفع بها، وفي الجملة لا يقتل من لا يقاتل ولا يحرض على القتال ولا ينتفع به في العمليات القتالية بأي وجه من زجوه الانتفاع .. واضح جدا .. يحرم قتل مشاهدي مباريات كرة القدم أو رواد المطاعم أو المارة في الشوارع، إلا إذا كنت توجه سلاحك لجندي في عطلة أو لقائد أو خبير عسكري يدير العمليات من هناك، أما هذه العمليات التي لا هدف لها إلا قتل أكبر عدد من الناس دون تمييز فه بالقطع غير مشروعة.
ملحوظة: بعض الشباب يفترض أن الإسلام يدعو للإرهاب من قوله تعالى: وأعدوا لهم ما استطعم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم .." الأنفال: ، وهو سوء فهم للآية التي لم تقل أقتلوا النساء والأطفال، إنما قالت أعدوا القوة لتخيفوا جيوش الأعداء فلا تهجم علينا، إن الإرهاب هنا بمعنى الردع والمنع من الهجوم، لا بالمعنى الإصطلاحي الذي لم يظهر إلا في العقود الأخيرة.