slot dana slot gacor slot gacor slot gacor slot gacor slot gacor gampang menang slot gacor gampang menang slot gacor slot gacor link slot gacor
  • pastigacor88 slot pulsa slot pulsa
  • لماذا لم نتفلسف؟ د. عاصم الفولى - DR Assem Elfouly Assem Elfouly

    لماذا لم نتفلسف؟

    منذ 6 سنة | 2415 مشاهدات

    ينعي علينا العالمانيون، والدكتور فؤاد زكريا مجرد مثال محترم لواحد من أكثرهم علما، أن تراثنا قد حشر فلاسفتنا في زاوية بعيدة عن التأثير في منظومته الفكرية، وأعطى الصدارة للفقهاء والمفسرين ورجال الحديث، رغم أن الثقافة الحديثة تعطي للفلاسفة مركز الصدارة في صياغة منظومتها الفكرية، وقبل أن نعرض التفسيرات التي ذكرها في كتابه "الصحوة الإسلامية في ميزان العقل" يجدر بنا أن نلاحظ أنه يفترض، ضمنا، صحة مقولتين، الأولى: هي أن الفلسفة هي الأسلوب الوحيد لاستخدام العقل، ومن يرفض إنتاجها فهو فى الواقع يرفض استخدام عقله .. الثانية: هي أن الأديان تتخذ من العقل موقفا موحدا، وعليه فما يمكن استنتاجه من موقف أحد الأديان يجوز تعميمه وسحبه على أي دين آخر .. وسيلاحظ القارئ أن مقولات الدكتور ستنهار إذا رفضنا قبول هاتين الفرضيتين.

    يبدأ الدكتور كلامه عن موقف المسلمين من الفلسفة بسؤال لا يجيب عليه:"لماذا ظل الاعتقاد راسخا لدى الكثيرين بأن بين الفلسفة والدين منافسة لا ترحم، وبأن عقل الإنسان أو روحه لا يتسع للاثنين معا، فإما أحدهما أو الآخر" ص151.. ستجد إجابتنا فيما يخص الإسلام بإذن الله في نهاية المقال.

    يذكر الدكتور زكريا في أكثر من موضع ما حدث فى الغرب، ويستغرب لماذا لم يحدث مثله عندنا "فى الوقت الذى استوعب فيه الغرب أشكالا مختلفة للعلاقة بين الله والعالم، مثل صورة الإله الذى يحكم العالم بالرياضيات، أو مهندس العالم عند ديكارت، أو صورة الصانع الذى لا يخطئ لساعة كبرى تظل تؤدى عملها بكفاءة وثبات عند ليبنتس، فإن العالم الإسلامي لا يسمح بمثل هذا التغيير فى شكل العلاقة بين الله والعالم بسهولة [ولا حتى بصعوبة، فصورة العلاقة بين الإله والعالم عندنا تبدو منطقية وواضحة وبسيطة وجميلة، فلماذا نغيرها؟ -ع]، ولا يدمج هذه الصورة المتغيرة التى تعمل حساب تطورات العلم فى إطار العقيدة الدينية كما فعل هؤلاء الفلاسفة، على حين أن كبار مفكري الغرب المتدينين يقبلون بسهولة الفكرة القائلة بان عناصر كثيرة من الأفكار الدينية ينبغي أن تتغير نتيجة للمعرفة الجديدة التى جلبها العلم والتكنولوجيا، فإن مثل هذه الأفكار مرفوضة، من حيث المبدأ، في معظم الأوساط الدينية الإسلامية" ص130، وعرض القضية بهذه الطريقة يتجاهل بعدها الجوهري .. المسألة هي أن هؤلاء الذين اضطروا لتغيير تصوراتهم الإعتقادية فعلوا ذلك لأن المعرفة العلمية الحديثة وبالقوانين وطريقة عملها وضعتهم في أزمة عميقة، فأفكارهم الدينية كانت تتعارض تعارضا شديدا مع هذا كله، مما اضطرهم اضطرارا  لتغيير هذه الأفكار، ليس لأنها قديمة، ولكن لأنها عجزت عن التعامل مع العلم وثبت لهم خطأها، أما نحن فلم نواجه مثل هذا المأزق، بل على العكس، وقد أوضحنا في القسم الثاني من كتابنا "خواطر ماركسي سابق" كيف أن العلوم الحديثة صارت أكثر اتساقا مع معتقداتنا، فلماذا نغير هذه المعتقدات أو نعدلها؟  

    ويستطرد: "ومن المهم جدا أن نلاحظ أن هؤلاء الفلاسفة الغربيين لم يكونوا يفعلون ذلك استخفافا بالدين أو استهانة به، فقد كان معظم أولئك .. مؤمنين بعمق، ولم يكونوا يرون فى تعديلاتهم هذه انتقاصا من الإيمان، بل كانوا يرون فيها تثبيتا وتعميقا للعقيدة الدينية" ص157... والدكتور يتجاهل الوضع السيء الذي كان يواجه هؤلاء الفلاسفة في الغرب، فالإله المهندس أو الساعاتي أفضل ولا شك من ذلك الإله الدموي الذي ينسى ويظلم ويندم ويرجع في كلامه ويصارع يعقوب ويلعب مع الحوت، بل أظنه أفضل من هذا الذي تمكن منه أعداؤه فصلبوه ومات ثم قام وصعد إلى السماء ليجلس على يمين أبيه، والذي هو مع أبيه والروح القدس إله واحد .. إلخ، نحن نصدق الدكتور في أن هؤلاء الفلاسفة إنما كانوا يفعلون ذلك حرصا على إيمانهم، وكان عندهم حق، فهذه العقول الراجحة أمكنها أن تصل إلى الإيمان بوجود الإله الخالق العظيم، لكنها لم تستطع قبول تصورات الكنيسة عنه، فحاولت تقديم تصورات أفضل .. ولكن تصور الإلوهية عند المسلمين ما شأنه بكل هذا؟ 

    ثم يوضح لنا الدكتور زكريا "أن السبب الأكبر للتعارض بين الفلسفة والدين .. لم يكن نوع الأفكار التى ينادى بها كلا الطرفين، وإنما طريقة التفكير لدى كل منهما .. لم يكن خلافا فى المحتوى والمضمون، بل كان خلافا فى المنهج ، ويتلخص هذا الخلاف فى أن منهج التفكير الفلسفي نقدي، على حين أن منهج التفكير الديني إيماني، إن الفلسفة تناقش كافة المسلمات، ولا تعترف إلا بما يصمد لاختبار المنطق الدقيق، على حين أن مبدأ التسليم ذاته أساسي فى الإيمان الديني، وأقصى غايات ذلك الإيمان هي أن يؤدى بالمرء إلى قبول المعتقد بلا مناقشة، بل بغير أن تطرأ على باله أصلا فكرة المناقشة، وعلى حين أن التناقض هو المعيار الأول للرفض فى الفلسفة، فإن الإيمان الديني لا يبحث أصلا عن التناقض، بل يصل الأمر ببعض اللاهوتيين إلى حد القول أن المرء يؤمن لأن ما يؤمن به ممتنع ومتناقض، ويرى فى قبول المتناقض والممتنع أبلغ دليل على رسوخ الإيمان" ص151... مالنا نحن وهؤلاء اللاهوتيين المساكين؟ هل تجد في الإسلام شيئا من هذا، أو قريب منه، أو حتى بعيد عنه؟ .. هل يتكلم الدكتور عن الإسلام؟ إن المسلم الذى لم تخطر على باله فكرة المناقشة سيضطره القرآن إليها اضطرارا، عندما يعرض فى آياته كل مقولات وحجج خصوم الإسلام من ملحدين ومشركين وأهل كتاب، ثم يتولى مناقشتها بالحجة والبرهان .. ثم كيف سيمكن لهذا المسلم الذى قبل معتقداته بغير مناقشه أن ينفذ أمر الله إليه بأن يجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن؟ إن الذى تملى عليه معتقداته بغير مناقشة لا يمكن أن يكلف بالجدال عنها بالتي هي أحسن ولا بالتي هي أسوأ.

    ولأننا نظن أن فى تاريخنا مفكرين إسلاميين عقليين كثيرين، فإنه يريد أن يزيل عنا هذا "الوهم" فيوضح لنا أنه "إذا كان بعض المفكرين قد سعوا إلى دعم الإيمان ومعتقداته الأساسية .. على أساس براهين عقلية ومنطقية .. فكانوا .. أقرب إلى الفلاسفة منهم إلى رجال دين [وهل عندنا رجال دين؟ ع] .. فضلا عن ذلك فإن أمثال هذه البراهين لم تكن فى الأغلب تسير فى الطريق العقلي من بدايتها إلى نهايتها، بل كانت ترتكز فى مراحلها الحاسمة على قبول مسلمات دينية معينة، ثم تكمل هذه المسلمات بالاستدلال العقلي" ص151.. ونحن نريد من الدكتور مثالا على واحدة من تلك المراحل الحاسمة التى لا نستطيع اجتيازها بالبرهان العقلي فنضطر إلى اللجوء إلى مسلمات دينية تساعدنا على تخطيها .. إذا جاء الدكتور أو غيره بحالة واحدة – واحدة فقط - عجزت فيها عقولنا عن العمل فعدلنا عن العقل إلى المسلمات الدينية لصدقنا أن أفكاره هو وشيعته كانت نتيجة لدراستهم للفكر الإسلامي، وإلى أن يتمكنوا من ذلك، فنحن نصر على أنهم ينقلون نقد الفكر الديني الذى قام به فلاسفة غربيون للأفكار المسيحية عندهم ثم يسحبونه على الإسلام بدون تمحيص ( وقد عرضنا في البابين الثاني والثالث من "خواطر ماركسي سابق" الأدلة العقلية على وجود الله ونبوة محمد (ص) وصدق الوحي، دون أن نلجأ إلى مسلمة دينية واحدة، فهذان البابان موجهان لمن لم يؤمن بعد بالإسلام) .

    ويسترسل الدكتور: "فإن رجل الدين حين يصر على أن المنطق لا مكان له فى عقيدته فأنه لا يفعل ذلك كراهية في المنطق، بل إنه قد يقبل المنطق والتفكير المنطقي، ويطبقهما في مجالات أخرى، وكل ما في الأمر أنه يتمسك بالمعنى الأصلي للإيمان من حيث هو تسليم وتصديق لا مجال فيه للتدقيق أو التمحيص" ص152 ولا نعرف ما هو المصدر الذي نقل عنه أن هذا هو المعنى الأصلي للإيمان عند المسلمين.. و"رجل الدين، حتى لو اعترف بمبدأ المناقشة، لا يسمح بهذه المناقشة إلا فى حدود معينة، ويرفض أن تمتد حتى تشمل المعتقدات الأساسية" ص153... مرة أخرى: هل يدور الكلام حول الإسلام؟.. وهل عندنا معتقدات أكثر أساسية من وجود الله وصدق نبوة محمد (ص)؟ إن هذه أكثر ما نتحمس لمناقشتها، فما هو هذا الذى لا نقبل مناقشته عقليا؟ هل تقصد ما يعجز العقل عن تصوره (والتصور غير الفهم كما يعرف الدكتور طبعا)؟ و لكن التصور ليس موضوعا للمناقشة العقلية بحكم طبيعته، المناقشة مرتبطة بالفهم وليس بالتصور، وكثير من الفلاسفة الكبار يسلم بعجز العقل عن تصور كثير من المسائل التي يعترف بصحتها، بل أن أغلب علماء الفيزياء يعجز عن تصور بعض الحقائق المادية التي أقاموا الدليل فعلا على صحتها، وتوصلوا إلى القوانين التي تحكمها (وكان هذا بالذات هو موضوع الباب الأول من كتاب الماركسي السابق، وهي ليست مضادفة، فالدكتور أستاذ فلسفة ماركسي بارز).

     ويرى فؤاد زكريا أننا نعمل على "التشكيك فى مبدأ التفكير المنطقي ذاته، وهو المبدأ الذى يرتكز عليه كل منهج علمي، على أساس أنه يؤدى إلى زعزعة العقيدة الدينية وتخلخل الإيمان .. إحياء للشعار القديم "من تمنطق فقد تزندق" والمنطق كما أدرك العقل الإنساني منذ القدم أداة، أو طريقة معينة فى التفكير، أساسها الحجة العقلية والاستدلال السليم الذى يفضي إلى الإقناع، وهكذا فإن ما يؤدى إلى الزندقة وفقا لهذا الشعار ليس مجموعة من الآراء أو النظريات التى ينادى بها أهل الفلسفة الذين يستخدمون المنطق، إنما هو منهج التفكير العقلي المنطقي الذى يسيرون وفقا له، فالشعار يقول فى الواقع أنك إذا استخدمت عقلك وفكرت تفكيرا متماسكا أوصلك هذا إلى الزندقة" ص159... وهذه ليست بريئة، ولا أتصور أن الدكتور فؤاد زكريا لا يعرف أن المنطق علم يدرس فى الأزهر، أما هذا الشعار الذي رفعه "أبو عمرو بن الصلاح" فعلا فقد كانت له ظروفه .. كان في الزمن الذي دخلت فيه الفلسفة اليونانية إلى المسلمين بكلامها عن الفيوض والأفلاك والعقول الكلية والنفوس الروحانية .. إلى آخر هذه الخزعبلات التي لا يشيرون إليها مطلقا عند الكلام عن الفلسفة، وتصور ابن الصلاح وغيره أن تلك النتائج السقيمة التي وصل إليها الفلاسفة إنما هي من لوازم المنطق، فرأى أن من تمنطق سيصل إلى هذا الهراء السخيف، ولكن آخرون أشهر من ابن الصلاح، مثل أبو حامد الغزالي، تعلم المنطق وعلمه واستخدمه في دحض ما وصل إليه الفلاسفة من هراء ميتافيزيقي، والذين رفضوا استخدام منطق أرسطو الصوري – كابن تيمية – لم يرفضوه بسبب حكاية الزندقة هذه، ولكن لأنهم رأوه أداة عاجزة سخيفة، ثم استخدموا أدوات عقلية أخرى أنتجوا بها فكرا عقليا راقيا، وبعدهم بقرون عديدة أيدهم فرنسيس بيكون رائد المنهج العلمي التجريبي في أوروبا فتبنى منهجهم ونبذ منطق أرسطو.

              نعود للسؤال موضوع المقال .. ما دمنا نعلي من شأن التفكير العقلي المنظم فلماذا إذن لم تنتج منظومتنا الفكرية نسقها الفلسفي بعيدا عن النسق اليوناني كما فعل فلاسفة عصر النهضة الأوروبي؟ .. الإجابة سهلة وبسيطة ومباشرة، إذا عدت إلى تعريف الفلسفة وهدفها في المقال الرابع من هذه السلسلة ستجد أن:"الفلسفة نظرة شاملة تحيط بكل جوانب النشاط الإنساني فكرا وسلوكا .. فالعلوم تقف عند تخصصاتها لا تعدوها .. فالوجود والحياة بكل جوانبها، والإنسان بكل ألوان نشاطه، لا يمكن أن يكون موضوعا لعلم واحد من العلوم" و أن الهدف منها هو "أن نتمكن من استشراف الأهداف البعيدة للإنسانية، وتحفزنا على المساهمة في تحقيقها.. فهي موقف إنساني من العالم ومن العصر ومن المجتمع يستوعب كل جوانب الإنسان" .. لقد إحتاج الإنسان الغربي إلى التأملات الفلسفية كي يصل إلى نظرة شاملة ويستشرف المستقبل ويتخذ موقفا من العالم إلى آخر كل هذه الأشياء المهمة التي عجز الفكر الكنسي عن تقديمها له، أما المسلمون فلم يعانوا من مثل هذا الفراغ الفكري والإفتقار إلى أجوبة مقنعة عن الأسئلة الوجودية الأكثر إلحاحا، فنصوص الوحي، الكتاب والسنة، تقدم لنا تصورات واضحة وقوية ومتماسكة، ظلت متسقة دائما مع المعارف الإنسانية في كل المراحل، منذ نزل الوحي حتى القرن الواحد والعشرين (وهذا واحد من جوانب الإعجاز)، فكنا نجد طوال الوقت ما يقنع عقولنا، ويشبع فضولنا، ويسكن أرواحنا، من مجرد فهم نصوص الوحي الذي نجده عند الفقهاء والمفسرين والمتكلمين وغيرهم من علماء الشريعة .. فما حاجتنا إلى التأملات الفلسفية المجردة أخطأت أو أصابت؟ .. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

     

    شارك المقال