بمجرد أن نشرت مقالي السابق حكاية سامي عنان وصلني رابط عليه حلقة محمد ناصر التي تحوي رسالة الأستاذ يوسف ندا إلى الفريق سامي عنان، والتي ورد فيها ما نصه:

          ولذلك أقول لك بلا مواربة أن الإخوان المسلمين سيظلون مع التوافق الوطني، وقد يقبلون بانتخابك للرئاسة في الانتخابات المزمع عملها مراعاة للآتي:

• لاستخلاص القوات المسلحة من قبضة الدكتاتور وإعادتها لخدمة الشعب وحمايته وحماية الدولة.
• إعادة الاعتبار لنتائج الانتخابات التي قفز عليها الدكتاتور والطلب من رئيسها المنتخب التنازل لمصلحة الأمة.
• تطهير القضاء وإلغاء الأحكام المسيسة التي حكمت في عهده وتحرير المعتقلين وتعويضهم.
• تطهير الشرطة والقضاء.
• إعادة النظر في قرارات الدكتاتور في ثروة البلاد وحدودها.

هذه الرسالة شخصية أردت بها التواصل معك وليس من العسير أن تجد الوسيلة للتواصل معي من أجل الخير للبلاد العزيزة.

ربما كان كل ما أراده الصديق الذي أرسل الرابط هو أن يعرف رأيي فيه، ولكنه على الأرجح يريد "يحط على عيني" بسبب ما ذكرته في المقال من أنني لم اعد أنتظر مناورات ذكية من الإخوان .. على أي حال فالرسالة تستحق أن نقرأها بعمق.

الطلبات أو الشروط الخمس الواردة في الرسالة عاقلة ومعقولة .. حسنا .. هل يعني هذا أننا يإزاء مناورة ذكية؟ .. هذا يتوقف على ما يدور في الكواليس، إن كان للموضوع كواليس، أما إن كانت مجرد رسالة من وحي الخاطر أرسلها الأستاذ يوسف ندا بميادرة شخصية فعلا فليست هناك مناورة ولا يحزنون، بل تكون حينئذ فكرة سيئة، إذ أعطت الانطباع أن الإخوان سيقبلون بسامي عنان، دون أن يعلن الفريق إلتزامه بطلباتهم (والناس تتحرك بانطباعاتها أكثر مما تتحرك بمعلوماتها).

أما إذا كانت هذه الرسالة هي أول جملة في سيناريو معد سلفا لإعلان نتائج إتصالات سابقة فنحن ولا شك إزاء مناورة، لكن هل هي ذكية بالفعل أم ستنتهي بخدبعة كالتي انتهت بها مناورات وصفقات فترة حكم الرئيس مرسي؟ .. يحتاج معرفة الجواب إلى أن نصبر قليلا ريثما تتكشف التفاصيل التي تمكننا من تكوين رأي، نحتاج لمعرفة الضمانات التي حصل عليها الإخوان، فهم سيقدمون حصتهم في الصفقة كلها مقدما خلال فترة الدعاية والتصويت، بينما هم لن يحصلوا على شيء إلا بعد أن يصبح عنان رئيسا للجمهورية .. ما الذي يضمن لهم؟ .. ومن جهة أخرى فقد تعودنا أنه عندما يعلن أحد الطرفين شروطا لجس النبض أو لبدء الكلام فإنه لابد أن يضع بنودا أكثر مما يريد حقيقة، حتى يترك للطرف الآخر فرصة أن يرفض البعض ويقبل الآخر كي لا يظهر في صورة المضطر الواقع تحت الضغط (وأحيانا يكون الإتفاق قد أبرم بالفعل، لكن لزوم حبكة الإخراج توضع في البداية بعض الشروط الإضافية التي سيتم التنازل عنها في نهاية مسرحية التفاوض) .. إذا كانت هذه مناورة ذكية فعلا فما هي الشروط التي وضعت ليرفضها عنان ويبدو كأننا وصلنا إلى حل وسط؟ .. الشروط الخمسة تبدو كلها حاسمة، فلا ضمانة لأي شيء إذا لم يتم إنسحاب الجيش من الحياة السياسية وتطهير الشرطة والقضاء، ولا نتصور عدم خروج المعتقلين .. هل سيتم التضحية بشرعية مرسي باعتبارها مسألة شكلية (لا بأس عندي إذا كان هذا هو الحل، ولا أظن مرسي نفسه سيعترض)، أم التضحية بالحدود ..

من الصعب أن تكون هذه الرسالة بداية لمناورة، فهي إما أن تكون طريقة لجس النبض قبل إعلان إتفاق قد تم بالفعل، أو أن تكون مجرد رسالة ودية من رجل طيب لا تقدم ولا تؤخر ولن ينتج عنها شيء مهم.

في النهاية: لو كانت هذه بنود إتفاق يملك الإخوان ما يضمن تنفيذها فإني أعلن كامل تأييدي لها .. وهذا لا يمنع من الاستمرار في محاولة فهم حكاية سامي عنان.