منذ 7 سنة | 1459 مشاهدات
عرض وزير الاقتصاد عددا من المؤشرات المرعبة عن تدني أداء مصر الاقتصادي، لكن الاستفزاز الحقيقي هو ألا يخرج سيادته من هذا العرض إلا بأن الحل الوحيد هو تقليل دعم الحكومة للمواطنين [!!] .. لابد أن نكون قوما من البلهاء حتى نوافق على مثل هذه الفكرة، فهي نموذج للمنطق المعكوس: الأوضاع سيئة على الجميع .. فلنجعلها أسوأ على الفقراء!
لنأخذ جانبا واحدا مما عرضه الوزير ليفهم القارئ لماذا نعد هذا الكلام إستهبالا للمستمعين.
يقول الوزير أن أحد أسباب الأزمة هو أن الأجور زادت من 85 مليار جنيه في سنة 2010 إلى 230 مليار جنيه، وحتى تستطيع الحكومة دفع كل هذه الأجور فهي مضطرة لخفض الدعم، والأجور التي يتحدث عنها الوزير هي أجور العاملين في الحكومة فقط، فهؤلاء هم الذين تتحمل موازنة الدولة بعبء تدبير أجورهم .. الوزير إذن يقول أن مجمل الأجور زادت ثلاث مرات عما كانت عليه في2010، ولم يكلف نفسه أن يوضح لنا أين ذهبت هذه الزيادة، فنحن نعلم يقينا أن الحكومة لم تتوسع في تعيين العاطلين حتى يزيد بند الأجور، ونعلم يقينا أن مرتبات الموظفين العاديين لم ترتفع إرتفاعا يذكر بحيث تؤثر تأثيرا ملحوظا على مجمل بند الأجور .. هذا يعني أن الزيادة التي تبلغ حوالي 150 مليار جنية قد ذهبت لمكان مجهول أو لشرائح قليلة العدد بحيث لم يشعر المجتمع بصفة عامة أن الأجر أصبح ثلاثة مرات ما كان عليه .. لا أعرف بالضبط عدد المحظوظين الذين زادت أجورهم، لكن لو كان عددهم مليون مواطن فبحسبة بسيطة يكون دخل كل منهم السنوي قد زاد عما كان عليه في سنة 2010 بحوالي 150000 جنيه .. يا للهول.
إذا كانت الحالة متردية والوطن في خطر ومصر لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل كما يقول الوزير، ألا يكون الأجدى أن نراجع مرتبات كبار الموظفين التي التهمت الزيادة فيها (الزيادة وليس كل الأجر) 150 مليار جنيه؟! (ولن أقول إعتمادات التسليح أو المشرعات الضخمة عديمة الجدوى) .. من الذي ينبغي أن نحمله عبء مواجهة الأزمة: الذين زادت أجورهم أربعة أو خمسة مرات خلال ثلاث أعوام، أم هؤلاء المواطنين الفقراء المستفيدين من الدعم والذين تطحنهم الأزمة فعلا؟ .. وحسبنا الله ونعم الوكيل.