منذ 7 سنة | 1313 مشاهدات
يتصور البعض أننا ندعم حماس لأنها حركة إسلامية، هذا مجرد جزء من دوافعنا، فدعم أي حركة إسلامية تقوم لرد العدوان ورفع الظلم عن شعبها المسلم هو فريضة شرعية لا يختلف أحد من المسلمين عليها (ونحن نذهب إلى أن دعم كل مظلوم مهما كان دينه أو ملته هو فريضة شرعية .. لكن هذه قضية أخرى)، وفلسطين هي قضية عربية إسلامية، تربينا على ذلك طوال السنين الماضية، لكن هذا ليس كل شيء، فحتى لو لم تكن فلسطين أرض لشعب مسلم سلبت حقوقه، وكانت حماس وكل أهل فلسطين على دين آخر غير الإسلام، ولم يكن في الأمر ظلم من أي نوع، فإن المصلحة العليا لمصر تقتضي منا دعم حماس، وإذا لم نستطع دعمها فعلى الأقل نغض الطرف عن كل محاولتها لتسليح نفسها وتدعيم قوتها، وقد كتبنا إبان عدوان أغسطس مقالا بعنوان "حماس البوذية" أوضحنا فيه أن الكيان الصهيوني هو منافس إقليمي يناصبنا العداء ويعمل على عرقلة نهضتنا العربية الإسلامية، فكل من يناوئه ويشغله عنا جدير بدعمنا في حدود طاقتنا – لا يكلف الله نفسا إلا وسعها – أما إعلان أن حماس هي منظمة إرهابية فقد فاق الحد في لا معقوليته ومجافاته لمصالحنا القومية، بل وغباءه .. دع عنك واجب التضامن معها.
إن هذا الموضوع عجيب من حيث الشكل والمضمون بكل المقاييس، وهو واحدة من مساخر الإنقلاب التي ترقى لدرجة خيانة مصالح مصر القومية، ولا نقول واجباتها الإسلامية .. فمن حيث الشكل: من ذا الذي يسمح لمحكمة لا تملك أن تصدر حكما على "حرامي غسيل" بأن تتصدى لبحث موضوع الإرهاب؟ إن جريمة السرقة تعد جنحة لا تختص بها محاكم الأمور المستعجلة، بل يجب إحالتها إلى محكمة الجنح، ومحكمة الجنح لا يمكنها أن تقضي في جريمة قتل فردية، بل عليها أن تحيلها لمحكمة الجنايات المختصة، فما بالك بالإرهاب الذي أقل ما فيه أنه قتل جماعي؟! والأسخف من تصدي المحكمة لهذه القضية هو أن تأخذ الحكومة حكمها بجدية .. ما هذا الهراء؟
أما من حيث المضمون، فلم يثبت حتى الآن ولا مرة أن واحدا من أعضاء حماس قد إرتكب جريمة على الأراضي المصرية أو على أي أرض أخرى غير الأرض المغتصبة – فلسطين – لكن هب أن عضوا في حماس قد أدين فعلا بجريمة قتل في مصر فإن هذا لا يكفي ولا حتى في قانون سكسونيا، لاعتبار أن المنظمة التي ينتمي إليها هي منظمة إرهابية، لابد أن يثبت للمحكمة أن هذه الجريمة هي تعبير عن منهج المنظمة التي تعتمد القتل كوسيلة لتحقيق أهدافها .. إن هذا يشبه حالة رجل قتل آخر لسبب شخصي، للثأر او السرقة مثلا، فتعلن المحكمة أن عائلته كلها هي عائلة من القتلة لأن فردا من أفرادها ارتكب جريمة قتل .. فما بالك عندما لا يكون لدينا شخص واحد عضوا في حماس أدين بجريمة خارج حدود فلسطين؟!!
أما ما يقال في كل مرة ترتكب فيها جريمة على أرض سيناء من أن حماس هي الفاعل، أو هي مورد السلاح للفاعل، فهو سخف غير معقول لا يصدقه شخص في رأسه ذرة من عقل.
خذ هذه الرواية البلهاء عن أن حماس هي التي فتحت سجن وادي النطرون، فحتى لو لم نكن قد رأينا بأم أعيننا الفيديو الذي يصور فتح السجن وتواجد أفراد القوات المسلحة ومدرعاتهم، فمن ذا الذي يصدق أنه في أقل من 24 ساعة فقط من إنكسار الشرطة مساء يوم 28 يناير إستطاعت قيادة حماس أن تتخذ القرار وتضع الخطط وتنقل أفرادها وأسلحتهم عدة مئات من الكيلومترات لتفتح هذا السجن .. حماس المحاصرة تفعل كل هذا؟.. المخابرات المصرية كانت ستحتاج لفترة أطول من ذلك لتقوم بعملية أبسط منها بكثير على أرض دولة أخرى.
وعندما أغتيل بعض جنودنا في ظل رئاسة دكتور محمد مرسي قبل الإنقلاب وجهوا أصابع الإتهام لحماس.. يا سلام.. لماذا تحاول حماس إحراج رئيس الدولة الوحيد الذي يدعمها؟ وما الذي ستكسبه من ذلك؟ .. على أي حال لم تستطع مخابراتنا أن تقدم دليل واحد، فمن أين جاء هذا الإتهام؟
وبعد الإنقلاب يملأون الدنيا صياحا بأن حماس تسلح الإرهابيين في سيناء .. ومن أين تحصل حماس على السلاح الذي تقدمه لمن في سيناء ؟ هل يمكن لقطعة واحدة من السلاح أن تدخل غزة إلا من مصر؟ هل تحصل حماس على السلاح من العدو الصهيوني مثلا؟ وإذا كان سلاح حماس لا بد أن يمر على سينا قبل أن يصل إليها فالأقرب للمعقول أن المقاتلين في سيناء هم الذين يمكنهم توريد السلاح لغزة وليس العكس.
إن العدو الصهيوني هو الذي يتهم حماس بالإرهاب، ونحن ندافع عنها ونقول أن من حق المعتدي عليه أن يحمل السلاح دفاعا عن حقه .. حماس حركة مقاومة .. أما أن يأتي الإتهام من مصري عربي مسلم فهذه والله مسخرة آخر الزمان.