منذ 7 سنة | 1313 مشاهدات
إمتلأت التسريبات الأخيرة بالعجائب التي تستحق التعليق، حتى وجدت نفسي كالمدعو "خراش" الذي قال عنه المثل العربي أن الظباء تكاثرت عليه فلم يدري أيها يصيد .. إذا أردت أن أسجل كل ما جال بخاطري عندما سمعتها لألفت كتابا، لكني سأكتفي بنقطة واحدة، في الواقع بجانب واحد مما تثيره هذه النقطة.
يطلب قائد الإنقلاب 30 مليار دولار من السعودية والإمارات والكويت توضع في حساب خاص للجيش، على أن يعيدها للدولة – في المشمش – عندما تستقر الأمور.
سنترك جوانب عديدة مما تثيره هذه النقطة – مؤقتا بإذن الله – كالإجابة على سؤال لماذا يتوقع قائد الإنقلابيين من الخليجيين أن يدفعوا، يقول في التسريب أن الفلوس عندهم "زي الرز"، كأنه فتوة الحارة يضع فردة على التجار والأثرياء لمجرد أن عندهم فلوس .. هل هذه حقا هي العلاقة بينهم؟ .. هل هو الفتوة وهم مضطرون للدفع .. الأمر بالقطع ليس كذلك .. أو سؤال: ما هذا الذي يحتاجه الجيش وتكلفته 30 مليار دولار، أي 230 مليار جنيه؟ .. بالطبع لن يشتري به سلاحا لقتال جماعة أنصار بيت المقدس، فما هو المبرر الذي قاله لهم ليدفعوا هذا المال للجيش وليس للدولة؟ .. و أسئلة أخرى يمكنها أن تنتظر.
الجانب الذي نراه الأهم، والذي ينبغي أن يدركه كل المصريين ليحددوا موقفهم ويصروا عليه، هو ذلك الذي يكشف عن حقيقة العلاقة بين الإنقلابيين والدولة المصرية (لاحظ أني أقول الدولة كلها وليس فقط الشعب المصري) .. ستوضع هذه المبالغ المهولة في حسابات لا تعرف عنها الدولة المصرية أي شيء، ناهيك أن يكون لها رأي في طريقة إنفاقها (ولاحظ مرة أخرى أن المتحدث لم يكن يحمل وقتها صفة رئيس الجمهورية، بل كان مجرد وزيرا للدفاع وعضوا في حكومة لها رئيس وزراء).
هل الجيش دولة مستقلة ذات سيادة؟ .. أفهم أن يسيطر على الدولة، لكني لا أفهم أن يستقل عنها .. كيف يحصل على أموال من دول أجنبية دون علم الدولة، ودون إذنها طبعا؟ .. هل يمكن لأي وزارة أو هيئة حكومية أو شركة قطاع عام أن تفعلها؟ .. ثم من الذي سيتولى إنفاق هذه الأموال، وعلى ماذا سينفقها؟ .. وما الذي ستحصل عليه الدولة الأجنبية مقابل ذلك؟!!! .. هل يمكن أن يرتب الجيش على نفسه إلتزامات تجاه أي دولة أخرى دون موافقة من الدولة المصرية؟
لماذا لم تدخل هذه الأموال إلى الخزينة العامة؟ .. هل إذا إحتاج الجيش لأي شيء حاجة حقيقية ستبخل عليه الدولة وتمتنع عن إعطائه ما يحتاج لذلك يطلب وضعها في حسابات بعيدة عن الخزينة ولا يعرف أحد في الدولة عنها شيء .. أم أن الأموال ستصرف على حاجات غير حقيقية أو غير مهمة أم ماذا؟
ثم ما معنى أن الجيش سيعيدها إلى الدولة بعد أن تستقر الأمور؟ .. كيف ومن أين؟ .. هل الجيش شركة تجارية ستشتري بهذه الأموال سلعا تتاجر فيها وفي النهاية تعيد رأس المال وتحتفظ بالأرباح؟ .. ما نعرفه عن كل الجيوش أنها تنفق الاعتمادات المخصصة لها على الأسلحة والذخائر والمرتبات والإعاشة ..إلخ، فإذا أنفق الجيش الأموال على هذه الاستخدامات فكيف سيعيدها بعد أن تستقر الأوضاع ومن أين ستأتيه؟ .. غلب حماري ولم أستطع أن أخمن مصدرا واحدا يمكن للقوات المسلحة أن تحصل منه على 230 مليار جنيه .. لا تقل لي من بيع المكرونة وعسل النحل.
ليس مهما أن نعرف الإجابة على أي من هذه الأسئلة، فكل الإجابات لها معنى واحد: إن استمرار هذا الوضع سيدمر مستقبلنا ويجتث إمكانيات الإصلاح من جذورها.