منذ 7 سنة | 1562 مشاهدات
يحاول البعض أن يستذكى ويتصور أنه سيحشرنا في زاوية ضيقة عندما يطلب منا أن نجيب على سؤال: مع من تقفون، مع الجيش أم داعش سيناء؟ .. وجوابنا هو: لماذا يجب أن نقف مع أي منهما؟ كلاهما يحارب المعركة الخطأ .. وهذا يحتاج لبيان.
كانت الجماعات الجهادية المسلحة حتى فترة قريبة مجرد جماعات هامشية، تقوم بعمليات إجرامية حقا، وتسبب بعض الخسائر في الأرواح، لكنها لم تكن تمثل خطرا حقيقيا على الأمن القومي المصري.
عندما بدأ الانقلاب عملياته في رفح والشيخ زويد والتي أدناها من أول يوم باعتبارها عدوانا صارخا غير مبرر على أهلنا في سيناء، وأوضحنا وقتها أن هذه العمليات لن تضعف أبدا الجماعات المسلحة التي يزعم الانقلابيون أنهم يستهدفونها، بل على العكس، ستعمل على تقويتهم عندما توفر لهم حاضنة شعبية كانوا يفتقرون إليها من قبل، وقلنا أنها لا تخدم إلا العدو الصهيوني، المستفيد الوحيد من إحكام الحصار على غزة.
لقد تحقق ما تخوفنا منه، وتواترت الروايات عن انضمام كثير من الشباب السيناوي لهذه الجماعات، ليس عن اقتناع بفكرهم، ولكن عن رغبة في الثأر والانتقام من القوات التي اعتدت عليهم وهدمت منازلهم، وهؤلاء المنضمون الجدد لا يفهمون أنهم يقاتلون شبابا مصريا لم يذهب لهم باختياره، بل بأوامر من قيادته، وكانت النتيجة أن شباب المجندين بدأوا يشعرون بأن لهم هم أيضا ثأرا عند أهل سيناء .. هذه مأساة حقيقية، وهي أشبه بالتراجيديا اليونانية عندما يتقاتل الأبطال لأسباب غير مقنعة، لكن طالما بدأ القتال ودارت عجلته فلا مجال للسؤال عن دوافعه.
إن المستفيد الوحيد من هذا التقاتل، بعد العدو الصهيوني، هو الانقلاب الذي بدأت أبواقه في الصياح بأنه في مواجهة مع الإرهاب ولا مجال فيها للكلام عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما الحقيقة أن توسع هذه الجماعات وازدياد قدرتها على العمل إنما نتج في الأساس عن غياب الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان .. الانقلاب يعمل عامدا على تفجير الوضع حتى يقدم للعالم مبررا لاستمرار ممارساته القمعية تجاه الشعب المصري كله (وهو بالطبع لم يكن يتصور أن ينقلب السحر على الساحر وتصل الأمور لهذه الدرجة، وكلنا سندفع الثمن).
نحن ندين كلا الفريقين، وفي نفس الوقت تكاد قلوبنا تنفطر ألما على شبابنا الذي يفقد حياته في سيناء، سواء كان الشباب السيناوي الذي انخرط في مواجهة مع جنودنا لا لسبب إلا الانتقام مما حل بأهله (وما حل بهم هو خطأ وجريمة حقا لكنه لا يبرر الانضمام للممارسات الداعشية) أو جنودنا الذين يؤدون مهمة في سيناء لا هدف لها إلا تدعيم النظام الانقلابي .. القاتل والمقتول كلاهما من أهلنا .. هذا الوضع سينتهي بإذن الله عندما يسقط الانقلاب وتأتي سلطة وطنية تصالح شعبها في سيناء وتسحب البساط من تحت داعش، لكن الجراحات التي ستخلفها هذه المواجهة ستحتاج لأجيال حتى تندمل.