منذ 7 سنة | 1461 مشاهدات
القراءة الحقيقية لنتائج الانتخابت التركية تقول أن شعبية حزب العدالة والتنمية (حزب أردوغان) قد زادت، وهذا أمر منطقي للغاية، فكيف تتراجع شعبية الحزب الذي أوقف التراجع التركي في جميع المجالات؟ .. لو حدث ذلك لتشككنا في جدوى أن يكون الحاكم مخلصا وذكيا وفعالا يحقق لشعبه أفضل النتائج .. هل حقا ما نقول؟ .. فلماذا إذن يهلل الانقلابيون زاعمين أن نتائج الانتخابات أكدت تراجع شعبية أردوغان؟ .. ربما لأنهم يرغبون في تصديق ذلك، أو لأنهم يجهلون نظام الانتخابات التركي، أو لعلهم ببساطة يكذبون كما تعودوا.
حقيقي أن عدد المقاعد التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة قد قلت عن سابقتها، وأنه فقد الأغلبية المطلقة التي كانت تعطيه الحق في تشكيل الحكومة منفردا، لكن هذا لا يرجع إلى تراجع شعبيته، فهو في هذه الانتخابات قد حصل على نسبة أعلى من أصوات الناخبين، وللمسألة علاقة بطريقة إحتساب الاصوات وتوزيع المقاعد في النظام التركي.
تجري الانتخابات التركية بنظام القوائم، ويحصل كل حزب على عدد من المقاعد حسب الأصوات التي تحصل عليها قائمته بشرط أن يكون مجمل الأصوات التي حصل عليها على مستوى الدولة يزيد عن 10%، وبالطبع لن تستطيع بعض الأحزاب الصغيرة أن تصل لهذه النسبة، وينص القانون التركي على أن تذهب الأصوات التي أعطيت للأحزاب التي لم تصل للحد الأدنى إلى الحزب الذي حصل على أعلى الأصوات، هذه النسبة هي التي قلت جدا في الانتخابات الأخيرة فلم يستفد منها حزب أردوغان.
في الانتخابات السابقة حصل حزب العدالة والتنمية على نسبة 34.78% من مجموع أصوات الناخبين، لكن الأحزاب التي عجزت عن الوصول للحد الأدني كان لها حوالي 18% من الأصوات، فأضيفت كلها للعدالة والتنمية حتى كان نضيبه 52% من مقاعد البرلمان ليشكل الحكومة منفردا، أما في الانتخابات الأخيرة فقد توافقت كل الأحزاب بحيث تعمل على خفض نسبة الأصوات التي تذهب هدية لأكبر الأحزاب دائما، فبرغم أن حزب أردوغان حصل على 41% من مجموع أصوات الناخبين، أي أن المؤيديين له قد زادوا، فإن الأحزاب التي لم تمثل في البرلمان كان نصيبها 6% فقط، فحصل العدالة والتنمية على 47% من المقاعد .. لقد فقد الحزب أغلبيته المطلقة في البرلمان ولكن شعبيته عند الناخبين قد زادت .. والأهم من ذلك أنه أبطل حجة الانقلابيين القائلة أن الإسلاميين لا يمكن إخراجهم من السلطة ديمقراطيا ولهذا اضطروا لعمل انقلاب عسكري اضطرارا .. كاذبون .. ها هو حزب إسلامي تمكن من السلطة أكثر من عقد كامل وما زال يجري انتخابات نزيهة تفقده أغلبيته المطلقة.
لهؤلاء القلقون على الوضع في تركيا .. ليس الأمر كما يصوره إعلامنا (جهلا أو كذبا أو غباء)، فحزب يملك 47% من المقاعد لم يترك لكل الأحزاب الأخرى (يمين ويسار وقوميين وأكراد وكماليين إلخ) إلا 53% من المقاعد، لن يستطيعوا الاجتماع كلهم على حكومة واحدة، وما زال هناك مجال عمل واسع واحتمالات متعددة يجيد قادة جزب العدالة والتنمية استخدامها .. هذه لعبة التحالفات والإتلافات .. المهم أن الإسلاميين لم تتراجع شعبيتهم في تركيا كم يطنطن الانقلابيون.