هل خرجت "جريدة الشعب" على خط الحزب؟

منذ 6 سنة | 1080 مشاهدات

للمرة الثانية خلال أسابيع قليلة أجدني مضطرا للكتابة معترضا على مقال نشر في جريدة حزبنا يخالف منهجنا الفكري وخطنا السياسي من أوله لآخره، وأنا أفهم أن ننشر عملا لواحد من قممنا الفكرية يتفق في مجمله مع توجهاتنا مع الاختلاف في بعض التفاصيل، على أن نردف المقال بتعقيب يحوي تحفظاتنا، أما أن ننشر مقالا لا نتفق معه في شيء، بالاضافة لتهافته الفكري، فأمر يدعو للتساؤل الذي جعلته عنوانا لتعليقي.

          المقال المنشور للدكتور أسامة ناصف بعنوان: وفاة ملك السعودية وثلاثة مشاهد.

          المشهد الأول يصف فيه طبيعة السلطة الملكية الوراثية، ثم يردف هذا كله بسؤال موجه إلى من أسماهم الحركات الدينية السياسية عما إذا كان هذا هو مايريدون نقله عن السعودية باعتبار أنها تقول عن نفسها دولة إسلامية؟ .. وباعتبار أن حزبنا هو واحد من هذه الحركات المخاطبة بالسؤال كان ينبغي أن يرد محرر الجريدة قائلا: لا والله يا سيدي، بل نحن واحد من ضحايا هذا النظام السعودي، أما الحركة الإسلامية الوحيدة التي وصل واحد منها للسلطة عندنا فقد انتخب ديمقراطيا وحكم ديمقراطيا ثم اختطف إنقلابيا .. فما معنى السؤال؟

          والمشهد الثاني هو – في زعمه – هذه الشماتة التي يبديها الإخوان في وفاة الملك عبد الله، ثم يردف ذلك بقائمة من الأوصاف السلبية التي أقلها المكيافيلية وغياب المنظومة الأخلاقية .. إلخ .. ونحن نتعجب: ما الغريب في أن يبدي الضحية إرتياحه لغياب جلاده؟ .. الشماتة شيء آخر يا سيدي، لكني أحسب أن كل معارضي الإنقلاب من كل التيارات لابد أنهم قد تنفسوا الصعداء بعد غياب أكبر داعم علني وممول للإنقلاب.

          أما كلامه في المشهد الثالث فقمة السخف والخطأ، ويحتاج لبحث مطول أرجو أن يقيض الله لنا الوقت لكتابته، لكنه باختصار يرى أن امتناع بعض أئمة المساجد عن إقامة صلاة الغائب على روح عبد الله بن عبد العزيز هو خروج على القواعد الفقهية، ذلك أن لولي الأمر حسم الخلاف الفقهي، وفي صلاة الغائب خلاف بين الجواز والمنع، وما دام الوزير أمر فقد وجب التنفيذ .. ما هذا الهراء؟ .. وما هو محصول الكاتب من الفقه؟ .. خلاف بين المنع والجواز، كيف يحولها الوزير لفرض؟ .. ثم ما هي ولاية أي وزير أوقاف على صلاة الناس؟ .. بل ما هي ولاية أي مخلوق على صلاة الناس؟ .. الخلاف الذي يحسمه اختيار ولي الأمر هو في المعاملات التي يحتكم فيها الناس للقضاء وتنفذ أحكامه بالقوة (عندما تتعارض مصالح المتعاملين وينحاز كل منهم للرأي الذي يحقق مصلحته) أو في العبادات الجماعية (كأن تكون صلاة الجماعة على مذهب الإمام حتى لا تتفرق الجماعة) أما الغائب الذى تمت فعلا الصلاة على جنازته فلا يوجد من قال بفرضيتها .. هذا من حيث فقه الموضوع، أما في حالتنا هذه بالذات فالسلطة كلها فاقدة للشرعية من أصله، من أول رئيسها لكل وزرائها.. ومن غير المعقول أن يوصف وزير في حكومة يقول رئيسها أنه لن يسمح بحكم إسلامي بأن له ولاية على صلاة المسلمين.

          لو نشر هذا الكلام في أي مكان آخر لما استحق أي تعليق، أما وقد نشر في جريدة حزب الاستقلال فقد بات الأمر خطبا.

شارك المقال