عن "النصوص المقدسة" و"الثورة الدينية"

منذ 6 سنة | 1070 مشاهدات

لا أريد أن أكرر الكلام الذي سيقت فيه هاتين العبارتين، مع أن ناقل الكفر ليس بكافر، ولندخل في الموضوع.

            ربما يرغب البعض في التماس العذر لقائل هذا الكلام باعتبار أن ثقافته لا تسمح له بمعرفة معنى ما يقول، لكن لماذا يتكلم إذن في ما لا يعرف؟ .. إن كان فعلا لا يعرف .. ألا يوجد من يكتب له خطاباته؟ .. لقد كان هيكل يكتب لعبد الناصر، وموسى صبري وأحمد بهاء الدين كتبا لأنور السادات، وأقل منهم شأنا كتبوا لحسني مبارك لكنهم لم يورطوه في مثل هذا الكلام الخطير، ومع ذلك فلا عتب على من قتل الآلاف بدم بارد على أي كلام يقوله .. لكن العتب والملام كله (هذا أقل ما يقال) على العمائم التي لم تكتف بالصمت في موقف يجب فيه الإنكار وجوبا جازما، بل قامت تصفق بكل صفاقة .. ألا يعرفون هم أيضا معاني الألفاظ العربية؟!

            ما هي النصوص التي قدسناها لمئات السنين؟ .. ليست هي بالتأكيد نصوص سيد قطب والمودودي رحمهما الله، لا لأنها لم يمر عليها إلا عقود قليلة، لكن لأن المسلمين لم يقدسوا أبدا إلا كلام الله جل وعلا، لا المودودي ولا قطب ولا مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد، ولا حتى أبو بكر وعمر، لكلامهم أية قداسة.

            لا يوجد عند المسلمين نصوص مقدسة إلا كلمات الوحي المحفوظ بحفظ الله: آيات القرآن الكريم، فهل هذه التي يريدون منا تغييرها؟

            إن رسول الله صلى الله عليه وسلم – بأبي هو وأمي – ليست له قداسة، نحبه ونجله ونحترم كلامه ونعمل به، لكننا لا نقدسه .. ما تواتر عنه صلى الله عليه وسلم من حديث نعده حجة علينا في الاعتقاد والعمل، أما سائر الأحاديث التي صح إسنادها فهي عند كل علماء المسلمين لاتفيد إلا الظن الراجح، بله أن تقدس، يؤخذ بها في الأحكام العملية ما لم يعارضها دليل أقوى منها، كحديث متواتر أو آية من كتاب الله .. لا يمكننا المساس بالنصوص المقدسة إلا إذا خرجنا من الإسلام (وإلا فما معنى أننا نقدسها؟؟) .. من من أصحاب العمائم لا يعلم ذلك؟ .. وإذا كان الخوف أو الطمع قد ألجم ألسنتهم فما الذي دفعهم للتصفيق؟

            أما الكلام عن ثورة دينية فلا معنى له في اللغة وفي التاريخ إلا الثورة على الدين، إما لتغييره بدين آخر أو للخروج من التدين بالجملة .. أخبرونا عن ثورة دينية واحدة في تاريخ البشر لم يكن هدفها تحطيم الدين القائم .. أما المسلمون فعندما يشعرون أن فكرهم الديني قد علاه الصدأ وساده الجمود وعجز عن قيادة حياتهم فإنهم لا يلومون النصوص بل يلومون المشايخ الذين عجزوا عن فهمها، ولا يدعون لثورة دينية ولكن يدعون إلى تجديد الفكر الديني، وبعض الخبثاء أو الجهلاء يظنون أنها دعوة لإدخال جديد على الدين، لكنها في حقيقتها ومعناها اللغوي دعوة لإعادة الدين جديدا كما كان يوم نزل، وإزالة كل ما يكون قد علق به من أخطاء أو شعبذات أو ترهات في عصور ركودنا الفكري وانحطاطنا الحضاري.

            نصوصنا المقدسة هي عندنا حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنها تنزيل من حكيم حميد، ونحن لا نثور على ديننا بل نثور من أجله وعلى كل خارج عليه .. والساكت عن الحق شيطان أخرس، فما بالك بالشيطان الذي يصفق؟ .. حسبنا الله ونعم الوكيل.

شارك المقال