كنائس غير المسلمين

منذ 6 سنة | 1117 مشاهدات

تنص المادة الثالثة من دستور العسكر الصادر سنة 2014 على: "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية" .. هل خطر ببالك أن تسأل من أين جاءتهم هذه الفكرة؟ .. فكرة أن لكل طائفة دينية الحق في أن تطبق شرائعها على نفسها من خلال قياداتها الدينية التي تختارها بنفسها دون أي تدخل من الحكومة؟ .. ليس من حق الحكومة ولا البرلمان أن يحددا لأي طائفة دينية ما الذي يعد من شرائعها وما الذي لا يعد من هذه الشرائع، كل طائفة لها كامل الحق في أن تفهم شريعتها بطريقتها وأن يطبقها عليهم قادتهم كما فهموها .. هذه الفكرة لا يمكن أن يكونوا قد جاءوا بها من الأفكار التنويرية الليبرالية التحررية المهلبية التي زعم واضعوا هذا الدستور أنهم استلهموها في كتابته بدلا من أفكار الإسلاميين الظلاميين الإرهابيين، فلا يوجد دستور واحد في الديمقراطيات الغربية يعطي هذه الحقوق، ولا أقل منها، للمسلمين مثلا، مع أنهم في عدد كبير من هذه الديمقراطيات يمثلون أكبر أقلية دينية (وليس كيهود مصر الذين لا يصل عددهم إلى عدد سكان أصغر قرية مصرية)، فالأحوال الشخصية للمسلمين هناك تخضع لنفس القوانين التي يخضع لها كل المواطنين دون أي تفرقة، فالمسلم لا يمكنه أن يمارس علاقاته العائلية طبقا لما أحله له الإسلام إذا كان القانون يحرمه (تعدد الزوجات ليس المثل الوحيد)، ولا توجد جهة يمكن للعائلة المسلمة أن تستعين بها لمنع أبنائها من ارتكاب ما يحرمه دينهم ما دام القانون يجيزه (إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، أو ممارسة الشذوذ الجنسي)، بل لا تستطيع هذه العائلة المسكينة أن تعاقب بنفسها أي واحد من أبنائها إذا اقترف هذه الفواحش بأي نوع من أنواع العقاب، فالقانون يمنعها من ذلك ويعاقبها هي إذا أقدمت عليه .. هذه الفكرة، فكرة حق كل طائفة دينية أن تطبق شرائعها على أبنائها، ليست إذن نابعة من الأفكار الليبرالية ولم يتم اقتباسها من أي دستور ديمقراطي حديث .. من أين جاءوا بها إذن لتكون نصا دستوريا؟

          إن هذا مبدأ إسلامي أصيل، ولم تكن العهدة العمرية التي أعطاها عمر بن الخطاب (رض) لأهل بيت المقدس هي أول إقرار لهذا المبدأ، فكل عهود الصلح التي أعطاها قادة الفتح الإسلامي لأهل الكتاب، قبل فتح بيت المقدس وبعد فتحها، إشتملت على حق كل الطوائف غير المسلمة في اختيار قياداتها الدينية وفي التحاكم إلى شرائعهم .. نحن إذن لانعترض على هذه المادة من دستور العسكر، بل على العكس، كنا سنرفض بكل شدة أي مساس بهذا الحق الذي أعطاه الإسلام لغير المسلمين .. لماذا إذن نثير هذا الموضوع؟ .. لأننا نحن المسلمون نطالب الآن بمساواتنا بأهل الكتاب في تطبيق هذا المبدأ .. نطالب بحقنا في اختيار قياداتنا الدينية وفي أن نقيم شعائر ديننا دون تدخل من الحكومة .. هذا موضوع يحتاج لمقال آخر.

شارك المقال