منذ 7 سنة | 1708 مشاهدات
كيف سمحوا بهذا الإعلان؟ .. سؤال يمكن أن يكون صحيحا بالنسبة للغالبية العظمى من إعلانات شهر رمضان، فهي تحمل قدرا كبيرا من الإهانة والاستفزاز للمصريين، خاصة إعلانات شركات الإسكان التي تحتقر طريقة حياة الغالبية الساحقة من الشعب .. فهي تدور حول محاولة إقناع المشاهد بأنه لو لم يسكن في فيلا فاخرة في مجتمع مغلق به كل الخدمات الراقية وتحيط به الحدائق الغناء وبرك المياة وحمامات السباحة فهو بالقطع إنسان بائس مسكين يحيا حياة مزرية .. كلنا إذن بؤساء مساكين نحيا حياة مزرية.
لكننا نقصد بالتحديد إعلانا يكذب على الناس في مسألة شرعية، وهو إعلان لإحدى الجمعيات الخيرية تطلب من المسلمين إعطائها زكاة أموالهم .. لا اعتراض لنا مع تحفظنا على فكرة الإعلان التليفزيوني للحض على إعطاء الزكاة لجمعية بعينها، فنحن نعتقد أن الذي يريد وجه الله سيحض الناس على إخراج زكاتهم وحسب .. لا بأس .. المصيبة أن الإعلان يقول لك: للزكاة ثمان مصارف حددها القرآن، فإذا أنت أعطيت الزكاة للفقراء والمساكين فقط فستحصل على إثنين من ثمانية، هل تريد أن تلقى الله بإثنين من ثمانية أم تعطيها لنا فننفقها على كل المصارف لتلقى الله وأنت حاصل على ثمانية من ثمانية؟ [!!!!] (والثمانية هي: الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، ولا يوجد الآن رقاب ليعتقوها من سهم الرقاب، ولا أظن أن الجمعية ستتألف قلوب قيادات المشركين حتى يتعاونوا مع المسلمين ويكفوا أذاهم، فالأسهم المتاحة إذن ستة لا ثمانية، ولا حظ أننا استبقينا سهم العاملين عليها، مع أنها جمعيات تطوعية .. أو المفروض كده)
ما هذا الهراء؟ .. لم يقل عالم واحد على أي مذهب من المذاهب عبر عصور الإسلام كلها أن المسلم مطلوب منه أن يغطي كل مصارف الزكاة الثمانية، بل على العكس من ذلك، هناك إجماع على أنك لو أعطيت زكاة مالك لشخص واحد مستحق لها فقد برأت ذمتك وسيصلك بإذن أجر إيتاء الزكاة كاملا غير منقوص .. إرحمونا من هذا التضليل .. يمكننا أن نتحمل المبالغات والمغالطات عندما يريد تاجر أن يروج لسلعته، فعلى المستهلك أن يتأكد من صدق الإعلان لأنه يعلم تماما أن التاجر يبالغ، لكن كيف سيتصور أن جمعية خيرية تقول أنها تعمل لوجه الله ستكذب عليه في شيء من شرع الله؟ .. ونحن بدورنا نتساءل: لماذا تكذب هذه الجمعية كذبا واضحا صريحا؟ .. لا نريد أن نذهب إلى أنها تفعل ذلك كي تزيد الحصيلة فتزيد قيمة النسبة التي يحصل عليها القائمون على إدارة الجمعية باعتبارهم من "العاملين عليها"، لكن إذا لم يكن ذلك لذلك فلأي شيء يتحملون الكذب؟ .. بل لأي شيء يتحملون تكاليف إعلانات التليفزيون الباهظة؟ .. لا يهمنا ما يحصلون عليه فهذه قضية أخرى، ما يهمنا هو ألا يخدعوا الناس ويعلموهم دينهم على غير الحقيقة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
Mohammed Kamal || xfoxawy@gmail.com
في عصر تحكمه القوي الاقتصاديه لا غير لا وجود للخلاق ولا القيم من الاخر اللي يدفع اكتر هو الكسبان