https://member.fisika.or.id/ https://www.cruzrojacorrientes.edu.ar/ slot gacor
  • sigmaslot pastigacor88 slot pulsa forbes88 slot pulsa rebahin slot gacor nekonime
  • الإخوان والأمريكان .. كلاكيت أول مرة د. عاصم الفولى - DR Assem Elfouly Assem Elfouly

    الإخوان والأمريكان .. كلاكيت أول مرة

    منذ 2 سنة | 3982 مشاهدات

    نعرف الآن إجابة السؤال الذي تعجبنا من أن قيادة الإخوان لم تطرحه (والمتعلق بدوافع عبد الناصر غير المفهومة، راجع المقال السابق)، لقد كان مجرد طرحه كفيلا بأن يدفعها للبحث بمساعدة ضباط الحركة من الإخوان، وكانت على الأرجح ستصل إلى الإجابة التي سنوضح في ما يلي أنها كانت منطقية وميسورة، ولربما أمكنها حينئذ إتخاذ الإجراءات المناسبة لتصحيح الوضع، أو إكتشاف أنها تواجه قوة لا قبل لها بها، فتتجنب الصدام، أو تتخذ من المواقف ما يقلل الخسائر قدر الإمكان.

              ونحن لم نقبل ما في كتاب مايلز كوبلاند الشهير "لعبة الأمم" كتفسير لموقف عبد الناصر من الإخوان إلا بعد التحليل العميق الذي كتبه الأستاذ محمد جلال كشك رحمه الله في مؤلفيه بالغي الأهمية "ثورة يوليو الأمريكية" و"كلمتي للمغفلين"، وقد رجع فيهما، بالإضافة إلى مايلز كوبلاند، إلى شواهد من كتابات أخرى سطرها عدد ممن كان لهم دور في حركة الجيش (البغدادي وحمروش وكمال رفعت وغيرهم)، والذي وصل فيه إلى أن المخابرات الأمريكية (CIA) قد إكتشفت وجود تنظيم الضباط الأحرار بفضل وجود عدد من عملائها ضمن الدائرة المقربة من جمال عبد الناصر قبل الإنقلاب، وأنها أدارت حوارا مع بعض أعضاء قيادة التنظيم ( وإن كان إتصال رجال المخابرات الشخصي المباشر مع جمال عبد الناصر قبل الإنقلاب غير مؤكد)، وتوصلوا إلى الإتفاق معهم في مارس 1952، وعلى إثره توقفت منشورات الضباط الأحرار عن وصفف الإستعمار بأنه "الأنجلو– أمريكي" .. الضباط يقومون بمحاربة الشيوعية وتجنب المواجهة المسلحة مع إسرائيل (مع السماح بالإستمرار في المعارك الكلامية إحتراما للمشاعر الوطنية المصرية)، والأمريكان بمنعون الإنجليز من ضرب الإنقلاب .. لا مانع عندنا من قبول ما ذهب إليه الأستاذ كشك من أن جمال عبد الناصر لم يكن عميلا يتلقى راتبا مقابل تنفيذ التعليمات، وإنما كانت وجهات نظره وأهدافه تتوافق مع المخططات الأمريكية للشرق الأوسط، لذلك ساعدوه على الوصول للحكم والإنفراد به، وكان هو مستعدا لتلقي نصائحهم وتنفيذها لأنها كانت تدور حول أفضل الطرق لتوطيد سلطاته الديكتاتورية.

              هل كانت قيادة الإخوان خالية الذهن عن الإتصالات التي جرت بين الضباط والأمريكان لذلك لم تراودها أي شكوك في نوايا عبد الناصر عندما تراجع عن إتفاقه معهم وأعلن لمرشدهم أنه "لا يقبل الوصاية"؟ .. لننقل إقتباسا من شهادة الأستاذ محمد حامد أبو النصر التي إعتمدنا عليها في المقال السابق ص 70، يقول بالنص: "خلال الجلسات التحضيرية التي سبقت القيام بالحركة، وبحضور جمال عبد الناصر، قرر الإخوان أنهم [..] لا يرغبون في الإشتراك في الحكم لأن ذلك قد يشكل خطرا على الحركة وهي في مهدها [..] إذ أن أمريكا التي أيدت الحركة قبل مولدها تحقيقا لأهداف سياسية معينة لا ترضى عن ذلك" (التأكيد من عندي ع).

              تثير هذه الفقرة الصغيرة حيرة كبيرة ..

              سأقاوم إغراء السؤال عن الطريقة التي عرف بها الإخوان بعض من أسرار الأجهزة الأمريكية، فمصر كانت ضمن منطقة النفوذ البريطانية، وبريطانيا حليفة أمريكا المقربة (كان رجل الشارع يدرك هذا الحلف الوثيق ويهتف منذ 1947 في المظاهرات بسقوط الإستعمار الأنجلو أمريكي)، وفاروق هو رجل بريطانيا في مصر، لذلك يجب أن تحاط مسألة تأييد أمريكا لإنقلاب يسعى لخلع فاروق بأكبر قدر من السرية (ليس فقط لعدم إغضاب الإنجليز، ولكن لأنهم لو علموا به لعملوا على إجهاضه) .. ربما لا نستغرب معرفة الإخوان بأن الأمريكان قد إكتشفوا وجود تنظيم داخل الجيش يسعى للإستيلاء على السلطة، لكن معرفة نوايا الحكومة الأمريكية تجاه هذا التنظيم مسألة شديدة الصعوبة ما لم تكن متصلا بالمخابرات الأمريكية وموضع ثقتها .. أنا لا أشك في إخلاص قيادات الإخوان الذين كانوا يضعون الخطط ويتخذون القرارات، لكن تتملكني الحيرة من قبولهم لهذه المعلومات وثقتهم في صحتها دون أن يصروا على معرفة كيفية التوصل لها .. سأتجاوز إذن عن الطريقة التي وصلتهم بها هذه المعلومات، لكني لا أستطبع التجاوز عن رد فعلهم.

              إذا عرفت أن أمريكا تؤيد الإنقلاب، وأنها في نفس الوقت لا ترضى أن يشارك الإخوان في الحكومة الجديدة، فكيف يغيب عنك أن أمريكا على ثقة من أن هذا الإنقلاب ليس من صنع الإخوان، ولا من صنع قوى حليفة لهم، بل أنه إنقلاب راغب في إقصاء الإخوان (هذا إذا لم تراودك الشكوك في أن الإنقلاب نفسه صناعة أمريكية شأن سلسلة الإنقلابات السورية التي تنافس الأمريكان والإنجليز في صناعتها منذ 1949) .. هل خطر ببال الإخوان مثلا أنهم نجحوا في إخفاء دورهم في الحركة عن المخابرات الأمريكية؟ .. هل تصوروا أن أمريكا يمكن أن تمنح تأييدها لأي إنقلاب دون أن يكون لديها معلومات وافية عن قياداته وفكرها وأهدافها وكل ما يمكن جمعه من معلومات من أول علاقاتهم النسائية حتى طعامهم المفضل .. لذلك نقول أن فكرة أن القيادة الفعلية للإنقلاب لا تنتمي لفكر الإخوان، بل أنها ستسير في إتجاه مضاد لمشروعهم، كانت موجودة بين أيديهم وتحت أنوفهم .. لكن قدر الله وما شاء فعل.

              ثم كيف تفسر أن الإخوان الذين كانوا على إستعداد لمواجهة 80 ألف جندي بريطاني رابضين على ضفاف القناة إذا تحركوا لإجهاض الإنقلاب هم أنفسهم الذين يرفضون المشاركة في حكومة ما بعد الإنقلاب لأن أمريكا "لا ترضى عن ذلك"، بينما أمريكا لم يكن لها عسكري واحد في مصر، ولم تكن قد تغلغلت كثيرا في أجهزة الدولة (بدات في 1947، وكانت تفعل ذلك ببطء وحذر حرصا على علاقتها بالإنجليز) .. شخصيا لا أتصور المنطق الذي أدى بهم لهذا التناقض، إلا أن يكون غياب الرؤية وضعف القدرة على التحليل مع الإفتقار لخبرة العمل السياسي، برغم أنهم كانوا رجال أفاضل على درجة عالية من الإخلاص والتجرد.

              كيف قررت قيادة الإخوان في المرحلة التحضيرية عدم المشاركة في الحكم مع وجود كل هذه الدواعي للشك في وجود علاقة ما بين أمريكا وضباط الإنقلاب؟ .. لا يحتاج الأمر إلى مزيد فطنة لتكتشف أن العكس هو المطلوب، أي أن يصر الإخوان على أن يكون لهم حصة معتبرة من الحكومة تضمن عدم الإنحراف عن مبادئهم، هل تخشى عدم رضاء الأمريكان؟ إنهم لن يرضوا عن أي وضع يحقق لنا القوة والإستقلال .. أما أن تنأى عن الحكم وتترك عبد الناصر يفعل به ما يشاء فإن من إسترعى الذئب فقد ظلم.

    شارك المقال