منذ 5 سنة | 2007 مشاهدات
هي مقرفة في ذاتها، لكن الأشد إثارة للقرف هو الإداء الإعلامي الهابط، والأسوأ من هبوط رجال الإعلام هو هبوط رجال حفظ القانون والعدالة.
لا جديد في الحديث عن الحياة الماجنة لأغلب أهل الفن وفضائحهم المخزية، فقد إعتدنا على روائحها المنتنة كما إعتاد سكان العشوائيات على روائح المجاري الطافحة والقمامة المتراكمة، فمنذ كنت صبيا في ستينات القرن المنصرم وأنا أسمع أن الكثيرات ممن يعملن في الفن يدفعن بأجسادهن ثمن الظهور على الشاشة، وأن المنتجين والمخرجين يتقاضون هذا الثمن بإستمرار، وقد كانت هذه الظاهرة محورا لواحدة من أهم روايات عملاق الرواية العربية نجيب محفوظ (وهو عملاق في الأدب مهما كان رأينا في "أولاد حارتنا")، ولم نسمع عن أي تحرك لمواجهتها، بل على العكس، قرأنا في تحقيقات النيابة مع صفوت الشريف في ما سمي بتطهير المخابرات بعد كارثة 1967 أن الجهاز كان يستخدم بعض من أبرز هاتيك النسوة في أعماله القذرة.
فيديو لفتاتين ترقصان بالملابس الداخلية يقيم الدنيا ولم تقعد بعد، مع أن المشهد نفسه (تقريبا) يظهر في الكثير من الأفلام التي يصرح بعرضها عرضا عاما، والواقع أني لا أعرف الفرق بين الملابس الداخلية وملابس السباحة أو بدلات الرقص التي تمتلئ بها معظم الأفلام، وخالد يوسف بالذات تظهر في أفلامه بعض المشاهد الأشد فحشا من الرقص بالملابس الداخلية، فما هو المقصود من هذه الضجة، ثم ما الذي يريدونه من هاتين الفتاتين؟ إن الرقص في شقة مغلقة على أصحابها بالملابس الداخلية، أو حتى بدون ملابس على الإطلاق، ليس في حد ذاته فعلا فاضحا بأي معنى من المعاني، الفعل الفاضح هو نشر الفيديو، وقد سمعنا عن همة رجال الأمن في القبض على الفتاتين، وحماس رجال النيابة لحبسهما والتجديد لهما، ونشرت الصحف كلاما بذيئا في حقهما لا نعرف إن كان قد صدر عنهما بالرضا أم بالطرق المعتادة، لكننا لم نسمع عن من الذي وضع الفيديو على اليوتيوب، ومن وجهة نظر الشرع والقانون فإن المجرم الحقيقي هو هذا الذي أتاح للجمهور مشاهدة ما كان يحدث في مكان مغلق، فلماذا لم نسمع شيئا في هذا الصدد؟
وما دامت أبدانهم قد إقشعرت لهذه الدرجة، فجأة، من حكايات ممارسة الممثلات للجنس مع المخرج، فلماذا لم يندد واحد منهم بالقانون المصري الذي لا توجد به تهمة يمكن توجيهها لخالد يوسف (إلا لو أثبتوا أنه هو الذي رفع الفيديو)، فقانوننا لا يعد الزنا بالتراضي جريمة تستحق العقوبة إلا إذا كانت الفتاة قاصرا، أو كان الفعل في مكان عام، او كان بمقابل مادي (دعارة يعني)، أو كان للمرأة زوج يتقدم بدعوى الخيانة الزوجية .. المشكلة ليست في سفالة هذا الرجل (إن كان قد فعلها حقا)، فالسفلة موجودون دائما، وسيوجدون في كل مكان وزمان، لكن المشكلة هي أن قانوننا لا يعاقب على هذه السفالة، أفليس الأجدى أن تحصنوا الأمة بتعديل القانون بدلا من تحطيم عاهرتين صغيرتين يعلم الجميع أن أحدا منكم لم يكن ليعيرهما أي إنتباه لولا أنهما مجرد وسيلة لشد أذن المخرج المتمرد (هي طبعا مجرد شدة أذن، فلو كانوا يريدون حقا أن يحبسوه للفقوا له قضية مخدرات مثلا).
ويظهر الرجل في BBC ليدافع عن نفسه بأن هذا ليس إلا محاولة لإغتياله معنويا بسبب موقفه من تعديل الدستور، ويشكو من أنه لا توجد دولة تعامل المعارضين فيها بهذه الطريقة .. يا سلام .. هل نسيت أنك شخصيا قد ساهمت مساهمة فعالة في إسقاط نظام ديموقراطي وعزل وإعتقال رئيسه المنتخب وإلغاء دستوره الذي حاز على تأييد حقيقي من ثلثي الشعب المصري في ظروف حرية تعبير حقيقية أتاحت لكل معارضيه الظهور في كل وسائل الإعلام ليل نهار للطعن فيه، طعون إعتمد أغلبها على مغالطات وصلت للكذب الصراح .. هذا هو الأمر بكل بساطة .. من أعان ظالما سلطه الله عليه، ومن ساهم في إسقاط نظام ديموقراطي إنتهكت كل حقوقه الديموقراطية، ه>ا هو الثمن في الدنيا، ولله عاقبة الأمور.
لو كانت هذه بداية لحملة تهدف إلى منع هذا النوع من المشاهد من الظهور في وسائل العرض العام لفرحنا بها وإستبشرنا، أما إذا كان الأمر هو مجرد التشهير بمخرج أراد لعب دور البطل فإنه شيء يدعو للقرف، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
عادل الجندى || adel.elgendy@gmail.com
وقد لا يعدو الأمر كونهم يدسون عميل جديد وسط المعارضة لاستخدامه ويت اللزوم