https://member.fisika.or.id/ https://www.cruzrojacorrientes.edu.ar/ slot gacor
  • sigmaslot pastigacor88 slot pulsa forbes88 slot pulsa rebahin slot gacor nekonime
  • هل الشورى هي حقا نظام الحكم الإسلامي؟ د. عاصم الفولى - DR Assem Elfouly Assem Elfouly

    هل الشورى هي حقا نظام الحكم الإسلامي؟

    منذ 6 سنة | 5776 مشاهدات

    ما زال العديد من الإسلاميين يعارضون الدعوة لإقامة نظام ديموقراطي، مرددين أن الشورى هي نظام الحكم في الإسلام، وأن الدعوة للديموقراطية تنطوي على مخالفة شرعية، لأنها تعدل عن النظام الذي قررته شريعة الله لتتبنى نظاما آخر غريبا عنها، ونحن نرى أن الكلام كله بعيد عن الصواب، ولقد أوضحنا من قبل في مقالات عديدة لماذا نطالب بالديموقراطية، ويبقى أن نوضح الآن أن الشورى ليست نظاما من أصله، حتى يقال أننا إذا تبنينا نظاما ديموقراطيا نكون قد عدلنا عن نظامنا الإسلامي الأصيل،  إنما الشورى هي مجموعة من المبادئ والقيم التي يجب على المسلمين تحقيقها في أي نظام يختارونه للحكم، وهذا من حكمة المولى عز وجل، فالمجتمع الذي تسوده العلاقات القبلية المؤسسة على رابطة الدم يختلف في ظروفه وعلاقات القوى فيه عن مجتمع صناعي تسود فيه نوعية أخرى من العلاقات الإجتماعية، وأمكانات التواصل وسبر إرادة الأمة في القضايا المختلفة في مجتمع تنتقل فيه الأخبار عن طريق القوافل أو الحمام الزاجل لا تقارن بمجتمع تطير فيه أخبار الحدث فور وقوعه إلى كل سكان الكرة الأرضية، وكل واحد من هذه المجتمعات عليه أن يطبق الشورى بأفضل الوسائل التي يمكنه الوصول إليها، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لكنه سبحانه يكلفها كل وسعها.

              لنتعرف أولا على الفرق بين المبدأ والنظام الذي يطبق به هذا المبدأ.

              المبدأ يقتصر على تحديد الأهداف التي ينبغي أن يحققها النظام، ولا يتناول الكيفية التي يتم بها تحقيق هذه الأهداف، والنصوص التي تناولت الشورى إقتصرت على تقرير أن يكون الحكم مبنيا على الرضا والإختيار، وعلى إلتزام الحكام بشريعة الإسلام، وإلتزام الأمة كلها بالإحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله (ص) لحسم أي خلاف ينشأ داخل النخبة الحاكمة أو بين الحكام والمحكومين.

              أما النظام فلابد أن يشتمل على القواعد والآليات التي تحكم عملية الوصول إلى السلطة ثم ممارسة هذه السلطة، بحيث يحتوي على الإجراءات التي ستتبع في إختيار المسئولين المختلفين في كل مستويات الدولة، والسلطات التي ستعطى لكل منهم، والمهام التي يكلف بإنجازها، والكيفية التي يتم بها الرقابة على المسئولين حتى يتم التأكد من أن أحدا منهم لا يتجاوز الصلاحيات التي أعطيت له، وأنه لا يستخدم هذه الصلاحيات لتحقيق أهداف تتجاوز ما حدده النظام، كما يشتمل على الإجراءات التي ينبغي إتباعها لحسم النزاعات المختلفة، وعلى الأخص يجب أن يوضح النظام الذي نطبق به مبدأ الشورى الإجراءات التي يمكن إتباعها لعزل صاحب السلطة إذا فقد ثقة الناس في ذمته أو في قدرته، ولا يمكن لأحد أن يزعم أن نصوص الشريعة قد وصلت إلى هذه الدرجة من التفصيل، ولا أن في تراثنا الفقهي ما يمكن أن يقترب منها (لا تقل لي كتب الأحكام السلطانية، فهذه علاقتها ضعيفة جدا بالفقه وأصوله، وتأثرها بالنظم الفارسية الكسروية أكبر من تأثرها بالسوابق التاريخية لأمة المسلمين).

              ولنضرب مثلا وحدا أحسبه كافيا لإزالة أي شك في أن الشورى هي مبدأ يحكم التفكير وليست نظاما إجرائيا محددا يمكن إقامته في دنيا الناس، فلا شك أن أئمة الهدى من أصحاب رسول الله (ص) قد إلتزموا بمبدأ الشورى، ومع ذلك فإننا نجد أنهم لم يتفقوا على قاعدة واحدة لتنظيم إجراءات الوصول إلى قمة السلطة، فأبو بكر (رض) تمت مبايعته في إجتماع السقيفة المشهور أولا ثم عرض الأمر على المسلمين بعد ذلك، أما عمر (رض) فقد فوض الصحابة أبا بكر في إختيار من يخلفه، فعهد إلى عمر، وكان أختيار عثمان (رض) من ضمن الستة الذين رشحهم عمر، بعد أن طاف عبد الرحمن بن عوف (رض) على كل أهل المدينة، وسأل الصبيان، وطرق أبواب المنازل ليستطلع رأي النساء، أما علي بن أبي طالب (رض) فقد تمت بيعته في المسجد بمشاركة كل من حضر من أهل المدينة .. ولو كان في نصوص الشورى نظاما للحكم لما إجتمع الأنصار أصلا في سقيفة بني ساعدة، ولما دار بينهم وبين المهاجرين الثلاثة الذين ذهبوا إليهم أي حوار أو مناقشة حول أسلوب إختيار من يقوم بالأمر بعد رسول الله (ص) .. لو كان لديهم نظاما حددته الشريعة لما سمعنا كلاما مثل: منا أمير ومنكم أمير، أو: منا الأمراء ومنكم الوزراء، ولسارعوا جميعا من تلقاء أنفسهم بالسير في الإجراءات المحددة، ولكانت هذه الإجراءات هي التي ستتبع في كل مرة يخلو فيها منصب الخليفة .. وقل مثل هذا في كل عناصر نظام الحكم في دولة المسلمين.

              وأنت إذا ذهبت تسأل هؤلاء الذين يرفضون آليات الديمقراطية ويريدون الإكتفاء بما يظنونه "نظام" الشورى عن الإجراءات التي سيتبعونها إذا سلمناهم تنظيم السلطة السياسية فلن تجد عندهم ما يمكن إعتباره نظاما، وربما لم تجد عندهم شيئا على الإطلاق.

              ليس هذا وقت إطلاق الشعارات الطنانة فارغة المضمون، فأمتنا تعيش محنة حقيقية، وقد يتعرض وجودها نفسه للخطر، ونحن في أمس الحاجة لتوحيد الجهود حول مطالب محددة، واضحة وقوية وقادرة على رد السلطة للشعب ليقرر لنفسه، لتقتنع بها الجماهير وتحتشد حولها وتصر عليها وتبذل كل جهد للوصول إليها، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

              وعلى الله قصد السبيل.

    شارك المقال