منذ 6 سنة | 1508 مشاهدات
سعيد رسلان هو صاحب عدد من المقولات السخيفة، كمقوله أن الحاكم متى وصل إلى السلطة، بغض النظر عن طريقة وصوله، فهو ولي الأمر الشرعي، معارضته خروج على الشريعة، ولا يجوز منافسته في الإنتخابات أو محاولة تغييره مدى الحياة .. أنا لا أدافع بالقطع عن الرجل ولا عن أفكاره، فهي عندي أفكار جامية سقيمة تريد أن تحول الأمة إلى قطيع من الغنم يسوقه كل من حمل عصا، ولكن إسكات مثل هؤلاء الضالين أو الأغبياء أو عملاء السلطان لا يكون عند المسلمين إلا بأن يتصدى لهم العلماء الراسخون، يفندون سخافاتهم ويلجمونهم، فإما أن يخجلوا من جهلهم ويتوقفوا عن الكلام، أو ينفضح أمرهم عند الناس فينصرفوا عنهم .. هدا هو منهج الإسلام في التعامل مع الأفكار، مهما كان ضلالها وزيغها وإبتداعها، ومن الأفضل للأمة أن يكون هناك ألف سعيد رسلان من أن تقبل وجود سلطة حكومية تستطيع إسكات من تشاء بزعم أنها "لن تسمح لأحد كائنا من كان بالتجاوز في حق المنبر أو مخالفة تعليمات الوزارة وإتخاد المسجد لنشر أفكار لا تتسق وصحيح الإسلام ومنهجه السمح الرشيد" حسب نص بيان وزارة الأوقاف.
من أعطى هده الوزارة، أو أي حاكم من حكام المسلمين مند أبو بكر الصديق (رض)، الحق في إحتكار فهم الإسلام وتحديد ما الدي يتسق مع منهجه السمح الرشيد وما لا يتفق، ناهيك أن يكون لها حق إسكات من يختلف معها ومنعه من الكلام؟ .. ربما يمتلك بابا المسيحيين ومجمعه المقدس مثل هده الصلاحيات، فيحدد للكهنة ما يقال وما لا يقال، و"يشلح" من يختلف معه ويعزله من منصبه الكنسي ويمنعه من قيادة الشعائر الدينية، لكن الإسلام لم يعط هدا الحق لأحد، قيادة الصلاة بالدات هي لمن يقدمه المصلون للإمامة ويرضون به، ورسولنا (ص) لم يعهد بأمر الدين لأي فرد أو جماعة، وإنما تركه في عهدة الأمة كلها، هي تسمع لمن تثق به وتعرض عن من لا تثق، وعندما أراد الخليفة المنصور العباسي أن يعمم موطأ الإمام مالك (رض) ويجعله المرجع الوحيد للفتوى والقضاء إعترض مالك نفسه، وأوصى الخليفة أن يترك لكل جماعة من الناس أن تتبع من ترضى هي إتباعه من المجتهدين، وعندما أراد الخليفة المأمون بن هارون الرشيد أن يحمل الأمة على رأي معين في مسألة خلق القرآن، لأنه إعتقد أنه هو الرأي الصحيح وأن غيره يمس بكمال تنزيه الله ويخرج عن إطار الفهم الصحيح للإسلام، عارضه أحمد بن حنبل (رض)، فسقط المأمون من داكرة الأمة أو كاد، رغم علمه وجهاده وورعه، وأصبح أحمد بن حنبل هو إمام أهل السنة، رغم أنف الخلفاء.
وبالمناسبة: أول من إخترع وزارة الأوقاف هو اللورد كرومر، الحاكم الفعلي لمصر بعد الإحتلال الإنجليزي، وحسبك هدا لتتشكك في أسباب وجود مثل هده الوزارة، وتتمنى لو أنهم ألغوها من الأصل، أما أن يصبح فهم دين الأمة حكرا على رجل تعينه الحكومة (حتى لو كانت حكومة الخليفة المأمون)، ومهما كان شأن هدا الرجل (حتى لو كان هو الإمام مالك بن أنس)، فإنه مخالف لمنهج الإسلام ومفسد لأسلوب تشكيل فكر الأمة وبناء حضارتها .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.