منذ 6 سنة | 1460 مشاهدات
يكتنف هذا الموضوع الكثير من التساؤلات، وكل إجابة تقدم لنا تأتي لتطرح المزيد من الأسئلة، والكلام فعلا يتناقض مع بعضه، إذا صدقت الأخير فستكون مضطرا لإعادة النظر في الأول، لكن شكك في الأول سيعيد طرح اللغز القديم الذي كنت تظن أنه قد حل وانتهينا منه .. لن أتناول هنا أية قضايا تاريخية، أي أني سأتظاهر بالحياد تجاه الطرف الآخر في الموضوع – إسرائيل – متناسيا كل الثارات القديمة والجديدة والدماء التي سالت والحقوق التي ضاعت، وسأتجاهل أيضا بعدا مهما لا يصح تجاهله إلا بسبب الرغبة في الاختصار، وهو التعارض الإستراتيجي بين مصالحنا الوطنية ومصالح هذا العدو التاريخي الذي مازال يصر على أن حدوده هي من النيل إلى الفرات، وراجع إن شئت مقال "ماذا لو كانت حماس بوذية"، وسأركز فقط على أن الأجوبة التي نسمعها تحوي ثغرات فنية تجعلها غير قادرة على تفسير الألغاز المحيطة بموضوع صفقة الغاز الضخمة طويلة المدى.
يصر الإعلام المصري المناهض للإنقلاب بالخارج على أن إسرائيل ستستخرج هذا الغاز من حقولنا التي حصلت عليها بعد إتفاقية ترسيم حدود المياة الإقليمية الإقتصادية، وإلا فكيف تحولت إسرائيل من مستورد للغاز منذ سنوات معدودة إلى مصدر لهذه الكميات الهائلة؟ .. سؤال مشروع تجاهله إعلامنا المحلي، لكنه سؤال سياسي، وقد إتفقنا على أننا لن نتكلم إلا في المسائل الفنية.
أما الموضوع الذي شغل إعلامنا نفسه به فهو المتعلق بتعارض هذه الصفقة مع ما سبق أن أعلن عنه قبلها بأيام من أن حقل "ظهر" سيوفر لنا إكتفاءا ذاتيا من الغاز.. لماذا إذن نعقد صفقة لإستيراده لمدد طويلة؟ .. وجاء الرد هو أن المستورد شركة مصرية خاصة، تستورده لإجراء بعض العمليات الصناعية عليه ثم تعيد تصديره لتحقق أرباحا كبيرة ستعود فائدتها ضمنا على الإقتصاد المصري .. الفكرة نفسها ليست مستحيلة التصديق من حيث المبدأ، فدول عديدة متقدمة – اليابان مثلا – يعتمد إقتصادها على إستيراد أغلب المواد الأولية وتصنيعها ثم تصدير المنتجات الكاملة .. المشكلة هي أن هناك متطلبات فنية لإتمام هذه العملية، وإلا لقامت بها كل دول العالم، وهذه المتطلبات يصعب علينا أن نصدق أنها متوفرة عندنا.
إن المنشآت والمعدات والتجهيزات اللازمة لإجراء هذه العمليات الصناعية تتكلف إستثمارات ضخمة، ويتطلب تنفيذها سنوات عديدة، أي أن هذه الشركة المصرية الخاصة لابد أن تكون قد بدأت منذ سنوات في إعداد هذه المنشآت والإنفاق على تكلفتها، هذا يصعب تصديقه، فلم يكن لدينا فائض إنتاج من الغاز تراهن هذه الشركة على الإستحواذ عليه لتصنيعه وتصديره، وحتى شهر تقريبا لم يكن القانون المصري يسمح للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي، من المستبعد تماما أن تكون هذه الشركة الخاصة قد تنبأت قبل ثلاث سنوات بأن البرلمان المصري سيقوم بتعديل القانون في هذا التوقيت بالذات، فأعد المستثمرون العدة وأنشأوا الشركة وشرعوا في دفق الأموال اللازمة للإنشاء دون أن يضمنوا أن الشركة سيمكنها العمل .. هذه مخاطرة مجنونة بأية حسابات إقتصادية.
لنفترض أن هذه الشركة قد تأسست خلال الشهر المنصرم بعد تعديل القانون .. حسنا .. لا بأس .. مع أن تجميع رؤوس الأموال والتفاوض بين الشركاء وإنهاء الإجراءات القانونية للترخيص للشركة الجديدة بالعمل يستغرق في العادة أطول من ذلك بكثير، سنتجاوز عن مسألة مدة تأسيس الشركة، فلابد أن هؤلاء الناس مستثمرون كبار لهم إتصالات يمكنها أن تستعجل الإجراءات، سيظل لدينا حقيقة أن هذه الصفقة الضخمة يستحيل التفاوض بشأنها والإتفاق على كل التفاصيل وإبرامها فعلا في أيام قليلة، توقيت الإعلان يقول أن المفاوضات لابد أن تكون قد بدأت منذ شهور طويلة .. كيف تتفاوض شركة لم تتأسس على إستيراد كميات من الغاز لا يسمح لها القانون بإستيرادها؟!! .. لغز لا نعرف إجابته.
الشركة إذن ستبدأ في إقامة منشآتها اليوم لتستورد من إسرائيل غازها لتصنعه وتعيد تصديره وتحقق من ذلك ارباحا كبيرة .. معقول أن يفكر مستثمرون مصريون لا يعارضون التطبيع بهذه الطريقة، لكن من غير المعقول ألا يفكر أي مستثمر إسرائيلي بأن يقيم هذه المشروع ذاته داخل إسرائيل ليحقق لنفسه هذه الأرباح، وأن تشجعه حكومته وتسهل له جميع الإجراءات كي تحتفظ بهذه الأرباح داخل الإقتصاد الإسرائيلي .. لغز آخر.
ويظل معلقا في الهواء إسم هذه الشركة المصرية العملاقة التي أبرمت هذا العقد الضخم مع إسرائيل، لا إسرائيل أعلنت عنه، فقد أعلنت فقط أنها ستصدر الغاز لمصر لتنفق من ثمنه على الصحة والتعليم، ولا إعلامنا أذاعه، فقد أكتفى جهابذة الإعلام عندنا بالقول أنها شركة خاصة، ولا الشركة نفسها أعلنت عن إسمها وعن مصانعها الضخمة وقدراتها الإنتاجية الفائقة، ولو على سبيل الدعاية.
هذه الألغاز الفنية تشبه إلى حد كبير الألغاز التي صاحبت الإعلان عن حفر تفريعة قناة السويس، وأرجو ألا تكون مآلاتها هي نفس مآلات ألغاز قرار حفر التفريعة، الذي لم نعرف حتى الآن المبررات الذي قادت إليه ولا ما الذي جعلهم يتصورون أنه مشروع جيد .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
عادل الحندى || adel.elgendy@gmail.com
تفريعة القناة كان يتمنى صاحبها- هذا العميل اليهودى- أن يجعلها قناة موازية للقديمة ليزيد المانع المائى ويمنع القوات المصرية من دخول سيناء إلا باذن من اليهود, ومن ثم يزيد عزلة سيناء عن مصر ويتم مشروع تهجير الفلسطينيين إليها كما يرغب أسياده وتنتهى القضية الفلسطينية ويبدأ مشروع من النيل إلى الفرات حسب مخطط برنارد لويس الصهيونى , والذى يعد اه العميل شبكة الطرق الضخمة التى بدأها فور استيلائه على الحكم.