قطعت جهيزة قول كل خطيب .. لم يعد هناك مجال للقول بأن ترشح سامي عنان كان مجرد جزء من مسرحية لتمرير إعادة إنتخاب السيسي، فالرجل قد عومل بعنف أكبر مما عومل به أحمد شفيق، إذ يبدو أن الأخير كان قد فهم الدرس في مرحلة مبكرة فتاب وأناب فأفرجوا عنه بعد فترة إحتجاز قصيرة في أحد الفنادق، أما عنان فمن الواضح أنه "زرجن شوية" حتى إضطر المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإصدار بيان قاسي وعنيف عن إرتكابه لجرائم تزوير .. الأمر يثير الدهشة، لماذا لا يعتزم الترشح إلا من إرتكبوا جرائم، من أول خالد علي حتى سامي عنان مرورا بقنصوه وشفيق (الذي نعرف جرائمه طبعا)، الصدفة تحدث مرة أو مرتين، لكن أن يكون كل المرشحين الجديين من المجرمين فهذا أمر مضحك.

          أحد المحامين علق على بيان المجلس مستغربا الاتهامات، فمن الوجهة القانونية لا يكون المرء مرشحا إلا بعد أن يتقدم بأوراق ترشحه، أما مجرد كلامه أمام وسائل الإعلام فلا يعد ترشحا يحاسب عليه، إنما يعد إعلان عن نية الترشح، ولا يحاسب الرجل على نواياه، وسامي عنان نفسه كان قد أعلن أن هناك إجراءا عليه أن يتخذه قبل تقديم أوراق الترشح رسميا، وهو التقدم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة يستأذنه في الموافقة، ولا تعرف لماذا لم ينتظر المجلس حتى يصله الطلب ثم يرفضه وينتهي الأمر في هدوء .. لكنني لاحظت في البيان أنه يصف عنان ب"الفريق المستدعى" .. هل يعني هذا أن عنان قد صدر قرار باستدعاءه للخدمة، فهو يعامل الآن على أنه ضابط عامل لا ضابط على المعاش؟ .. وهل هذا يغير من قدرته على ترشيح نفسه؟ .. ولماذا يستدعى للخدمة رجل في السبعين من عمره (ومتهم بالفساد دون ذكر إسمه في خطاب السيسي) .. ما الذي ينتظر أن يقدمه للمجهود العسكري؟ .. ألا توجد طريقة أخرى؟ .. ثم لماذا القبض عليه؟ ألم يكن من الأليق أن يتم التحقيق والمحاكمة أولا، ربما كان للرجل دفاعاته أو اعتذاراته أو أي شيء يحفظ ماء وجه المؤسسة العسكرية؟ فالرجل كان من رموزها على أي حال .. هل أخذوا في الاعتبار مضمون الرسالة التي ستصل لكل الناس في الداخل والخارج، وليس لعنان فقط؟

          هل يملك عنان هذه القوة الهائلة والشعبية الجارفة التي يخاف منها السيسي، أم أن الحكاية هي أن السيسي يشعر بالضعف الشديد وانهيار الشعبية لدرجة أنه لا يسمح لأكبر من مرتضى منصور أن ينافسه؟!! .. لك الله يا مصر.