slot dana slot gacor slot gacor slot gacor slot gacor slot gacor gampang menang slot gacor gampang menang slot gacor slot gacor link slot gacor
  • slot gacor pastigacor88 slot pulsa slot pulsa slot qris slot qris slot qris slot qris slot gacor slot gacor slot dana
  • أردوغان في السودان د. عاصم الفولى - DR Assem Elfouly Assem Elfouly

    أردوغان في السودان

    منذ 6 سنة | 1510 مشاهدات

    قامت الدنيا ولم تقعد بعد لأن أردوغان زار السودان ووقع هناك بضع وعشرين إتفاقية، إعلامنا يدق الطبول مصرا على أن هذا تحالف يستهدف الأمن القومي المصري، لم يذكروا أية شواهد على ذلك، فبالنسبة لهم: إذا لم يكن هذا التحالف ضد مصر فضد من هو إذن؟ .. منطق عجيب، فالناس كثيرا ما يتحالفون لتحقيق مصالحهم المشتركة دون أن يخطر ببالهم إيقاع أي ضرر بالآخرين، فقط يتعاونون ليزيدوا الإنتفاع بمواردهم .. ليست لدي معلومات عن الاتفاقات التي وقعوها، لكن الأمر لا يحتاج لمعلومات، فالمنافع التي ستعود على البلدين من العمل المشترك أوضح من أن تحتاج إلى شرح أو تفسير، وقد كنا نحن أولى من تركيا بهذا التحالف، ولولا الهوة الكبيرة التي تفصل نظامنا الإنقلابي عن النظام التركي لطالبناه بأن يبادر بالإنضمام لهما، فالأنظمة تتبدل، أما مصالح الوطن الإستراتيجية فلا تتبدل.

              يتمتع السودان بموارد طبيعية هائلة، وبسبب الحصار الذي عانى منه لعشرين عاما فإن هذه الموارد تكاد تكون غير مستغلة على الإطلاق (عدا البترول)، وفي نفس الوقت تمتلك تركيا فوائض ضخمة وقوة إقتصادية كبيرة، ومن مصلحتها أن تقدم التمويل والخبرة للإستفادة من هذه الموارد، وبالنسبة للسودان فإن تركيا أفضل شريك ممكن، ليس فقط بسبب الإتجاه الإسلامي في كلا الدولتين، ولكن لأن البدائل الأخرى كلها أقل جاذبية، فمنها ما يمثل خطرا حقيقيا على الاستقلال، ومنها من لا يمثل خطرا حاليا، كالصين مثلا، لكنه أيضا عملاق غير مضمون على المدى الطويل، بعكس تركيا، التي تحتاح إلى حلفاء حقيقيين ودائمين في المنطقة، وليس مجرد فرص للإستغلال الإقتصادي.

              والكلام عن الشراكة مع السودان يعود بذاكرتي إلى تجربة إقتربت منها في أواخر الثمانينات، عندما زارني صديق سوداني يمتلك شركة لاستيراد المعدات الزراعية في الخرطوم ليحدثني عن مشروع يزمع بنك فيصل الإسلامي المصري القيام به في السودان، وكان في تقديره أن كلانا يمكن أن يكون له مساهمة في هذا المشروع الضخم، والخطوط العريضة لهذا المشروع كافية لإعطاء القارئ فكرة عن حجم المنافع التي يمكن أن تتحقق من العمل مع السودانيين دون أن يكون في ذلك أي ضرر للآخرين.

              إمتلك السودان، قبل إنفصال الجنوب، حوالي 200 مليون فدان أرض طينية خصبة (سوداء)، ولتتصور ضخامة هذا الرقم يكفي أن تعرف أن كل ما لدينا في مصر هو حوالي 8 ملايين فدان فقط، ومعظم أرض السودان تروى بمياة الأمطار بسبب بعدها عن مجرى النيل وروافده، ولنفس السبب فهي بعيدة عن كل المدن، ولا تربطها أي شبكة الطرق، ولذلك يحجم المستثمرون عن الذهاب إليها .. أبدت الحكومة السودانية إستعدادها لمنح هذه الأراضي بإيجار قدره دولار واحد في السنة لمدة 99 سنة، الإيجار رمزي بالطبع، فالهدف هو أن يقوم المستثمرون بمد الطرق وإنشاء التجمعات العمرانية اللازمة لزراعة هذه الأراضي، وخلال 99 سنة سيتمكن المستثمرون من استرداد رأسمالهم مع أرباح مجزية، وسيستفيد الاقتصاد السوداني بالتأكيد من كل هذا النشاط، وفي النهاية ستعود ملكية الأراضي والمرافق والمنشآت إلى السودانيين بعد انتهاء عقد الإيجار.

              فكر بنك فيص المصري في إقامة مشروع على مليون فدان، ومشروع بهذا الحجم يمكنه أن يتحمل تكلفة مد طريق رئيسي لمسافة حوالي 500 كم وإقامة عدد من المدن والقرى بمساكنها وخدماتها وشبكات المرافق اللازمة لها، وسيخلق المشروع أكثر من 3 ملايين فرصة عمل في الزراعة والصناعات الزراعية وخدمات السكان من تعليم وصحة وترفيه وخلافة (التقديرات الأولية لعدد السكان حوالي 12 مليون، ثلاثة أرباعهم على الأقل من المصريين) .. بالإضافة لفرص العمل للمواطنين وفوائض الأرباح للمستثمرين هناك الاكتفاء الذاتي الغذائي وحل مشاكل التكدس السكاني في المدن الرئيسية .. كأن أحلامنا تتحقق.

              إتصلنا ببنك فيصل فعلمنا أن المشروع قد تم صرف النظر عنه .. يا للهول .. لماذا؟ .. قيل لنا أن عدم الإستقرار في السودان وضعف الثقة في إحكام الحكومة المركزية لقبضتها على المناطق النائية يمثل خطورة كبيرة على استثمارات بهذا الحجم، وأضاف بعض الخبثاء أن هذا ليس هو السبب الوحيد ولا الحقيقي، فالحكومة المصرية أخبرت الأمير محمد الفيصل أنها لن توافق على تهجير هذا العدد الكبير من الفلاحين والمهنيين المصريين إلى السودان، وبدون المصريين سيفشل المشروع.

              مهما كان السبب الحقيقي لإلغاء مشروع بنك فيصل فقد تعلمنا أن السودان يمتلك فرصا كبيرة مفيدة لنا ولهم، يعرقل الاستفادة من هذه الفرص عدم وجود الإرادة السياسية وغياب الإستقرار (خاصة ضعف السيطرة الأمنية على الأقاليم)، وقد تكلمت فقط عن الزراعة والتعمير لأنها في مجال تخصصي، ولأني أعرف بعض التفاصيل عن مشروع معين، لكن السودان يمتلك ثروات معدنية مهولة، تبدأ من رواسب اليورانيوم بكميات ضخمة وتصل إلى عروق النحاس التي تكاد تكون نقية وترى بالعين المحردة وسط الجبال.

              لذلك عندما تتوافر الإرادة السياسية عند البشير وأردوغان فقد قطعا نصف الطريق، أما الكلام عن وجود عسكري تركي في "سواكن" فهو لقطع النصف المتبقي .. لا يحتاج الأمر للتفكير في طرف ثالث يتحالفان ضده، المنافع الوفيرة كافية لتفسير التقارب .. ولاحظ أننا لم نتكلم عن الجامعة الإسلامية ولا التكامل الإقليمي ولا حماية الهوية ومقاومة التغريب والعولمة .. إلخ، لا لأننا لا نقر بأهمية هذه الأهداف، بل بأولويتها على ما عداها، ولكن لأن الكلام عنها بات مدعاة لاتهامك بتهم شتى، التخلف أو التخريف أو الإرهاب، وعندما يكون في الأمر تركيا أو قطر فربما يصل الإتهام للخيانة .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.   

    شارك المقال