وصلنا إلى كأس العالم .. وبعد؟

منذ 6 سنة | 1170 مشاهدات

 

          فرح المصريون فرحة عارمة بوصول منتخبنا إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم، وفي اعتقادي أن جزءا كبيرا من هذه الفرحة يرجع إلى أن الناس تريد أن تفرح بأي شيء وسط هذا الإحباط العام والفشل الذي نشعر به في كل المجالات، وأنا يسعدني أن يرتفع مستوى الرياضة في بلدنا، لكن ارتفاع مستوى هذا المنتخب بالذات لا يعبر عن ارتفاع مستوى هذه الرياضة في مصر، فما فهمته من المعلق هو أن معظم، إن لم يكن كل، اللاعبين يحترفون في أندية خارج مصر، ومعنى هذا أنه لا يوجد في الأندية المصرية العدد الكافي من اللاعبين الممتازين ليشكل المدرب منتخبا تكون أغلبيته ممن يلعبون في المنافسات المحلية .. إن هؤلاء اللاعبين انضموا للمنتخب لمجرد أنهم يحملون جوازات سفر مصرية، فهذه الفرحة العارمة لم تقم على أساس حقيقي، فليست كرة القدم المصرية هي التي تفوقت.

          وأنا أستمتع كثيرا بمشاهدة مباريات كرة القدم في أوقات فراغي، لكن هذا لا علاقة له بأي شيء ينتسب للرياضة، فأنا أستمتع أيضا بمشاهدة ألعاب السيرك والأفلام البوليسية ومسلسل أرطغرل، كلها مشاهدات مسلية وبها قدر لا بأس به من الإثارة الممتعة، لكن في ظل الاحتراف تحولت كرة القدم، وكثير من اللعبات الأخرى، إلى صناعة، يسعى الممولون والمنظمون لها إلى الربح، ويمتهنها اللاعبون كما تمتهن مهن الطب والهندسة والمحاسبة والمحاماة وغيرها، ومن العبث أن نشجع الناس على الاهتمام المبالغ فيه بشيء لا فائدة منه إلا التسلية وتمضية وقت الفراغ، ومن السفه أن تنفق الحكومة – الفقيرة جدا – هذه المبالغ الطائلة على رجال يمتهنون مهنة لا تقدم للمجتمع أي فائدة ولا تساهم أي مساهمة في تقدمه ورخائه.

          الرياضة مهمة جدا لتقدم المجتمعات، لكن المهم فيها هو أن يمارسها الناس، كل الناس، على سبيل الهواية بجوار أعمالهم المنتجة والمفيدة، فالرياضة ترفع مستوى اللياقة البدنية وتحافظ على سلامة الأجهزة الحيوية وتزيد من قدرة الجسم على مقاومة عدد كبير من الأمرض، وفي سبيل ذلك من المفيد أن تقام المنافسات الرياضية للهواة، وأن يتم تكريم المتفوقين منهم تكريما معنويا وأدبيا يشجع غيرهم على الاقتداء بهم، لا مكفأتهم بمكافآت مالية تجعل الربح هو هدف الممارسة، ومن الضروري أن تنفق الحكومات الأموال لتوفير الملاعب والأجهزة والأدوات والمدربين حتى يتمكن أكبر عدد ممكن من الناس، والشباب على وجه الأخص، من ممارسة الرياضة، وعندما يرتفع مستوى الرياضة بعد ذلك فسيكون هذا دليلا على أن صحة هذا الشعب قد ارتفع مستواها، وعندها يجب أن نسعد جميعا، وأن نحمد للحكومة صنيعها، أما تشجيع رياضات المحترفين والإنفاق عليها بسخاء فهوعمل غير مسئول، وفيه إهدار للموارد المالية الشحيحة التي نبخل بها على التعليم والصحة ودعم الغذاء .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

شارك المقال